استكملت معركة الرقة الكبرى أمس، شهرها الثالث على التوالي منذ انطلاقتها في 6 حزيران (يونيو) من العام الجاري والتي تقودها «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية وطائرات التحالف الدولي، ضد تنظيم «داعش»، هادفة إلى إنهاء وجود الأخير في المدينة التي كانت تعد معقله الرئيسي في سورية وعاصمته فيها. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنه رصد خلال الأشهر الثلاثة الفائتة تمكن «قسد» بدعم من القوات الخاصة الأميركية من السيطرة على 64 في المئة من مساحة مدينة الرقة. ويعم دمار كبير المدينة طاول مساكن المواطنين ومتاجرهم وممتلكاتهم والمرافق العامة والبنى التحتية فيها. وتقلصت سيطرة تنظيم «داعش»، الذي بقي يحكم سيطرته على أحياء الأندلس وشمال سكة القطار والحرية وتشرين والتوسعية في القسم الشمالي من مدينة الرقة، في حين ما زال يسيطر بنسب متفاوتة على أحياء أخرى تشهد اشتباكات بينه وبين «قسد»، وهي البريد والنهضة والدرعية في القسم الغربي من المدينة، وأطراف المنصور والأمين وحيي المرور والثكنة بوسط مدينة الرقة، والروضة والرميلة في شمال شرق مدينة الرقة. أما «قسد» فقد سيطرت على أحياء السباهية والرومانية وحطين والقادسية واليرموك والكريم بغرب مدينة الرقة، وحيي هشام بن عبد الملك ونزلة شحادة بالقسم الجنوبي من المدينة، والصناعة والمشلب والمدينة القديمة، والبتاني في القسم الشرقي من المدينة، وحي المنصور. كما سيطرت على نحو نصف حيي الدرعية والمرور ووصلت إلى أطراف حيي الأمين والثكنة وسيطرت على أجزاء من أحياء الرميلة والروضة والبريد والنهضة. وضيق هذا التقدم الواسع الخناق على «داعش» ووصلت الاشتباكات إلى مركز مدينة الرقة، بعد السيطرة على المدينة القديمة ومحاصرة مركز مدينة الرقة من ثلاث جهات. وترافق هذا التقدم مع ضربات مستمرة لطائرات التحالف الدولي وقوات عمليات «غضب الفرات» على مدينة الرقة، التي بات نحو 80 في المئة من مساحتها غير صالحة للسكن نتيجة الدمار. وما زال آلاف المواطنين موجودين في مناطق سيطرة التنظيم، ووقعوا بين سندانه ومطرقة التحالف الدولي التي قتلت المئات من أبناء المدينة. وتفاقمت مأساة المواطنين المتبقين في المدينة نتيجة تناقص المواد الغذائية المخزنة مع استمرار المعركة والحاد في مياه الشرب والمواد الطبية. ويشكو الأهالي من تزايد عدد الجثث غير المدفونة في المدينة، للقتلى من التنظيم والمدنيين في مناطق تقاطع النيران. ووسط رغبة الكثير من عناصر تنظيم «داعش» في الرقة، وبخاصة ممن هم من الجنسية السورية، في مغادرة مناطق التنظيم والفرار من المدينة، وتخوفهم من عمليات الإعدام التي قد تطالهم في حال لم ينجحوا بالفرار، يمتنع المقاتلون الآسيويون عن الاستسلام، إذ ترفض الكتيبة الأذرية وكتائب آسيوية متمركزة على جبهات القتال، تسليم أنفسها أو الفرار. ووثق «المرصد السوري» مقتل مدنيين نتيجة ضربات طائرات التحالف الدولي وقصفه الصاروخي على المدينة وريفها حيث ارتفع إلى 978 على الأقل من بينهم 234 طفلاً و163 مواطنة، منذ الخامس من حزيران (يونيو) وحتى أمس. وتسببت الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولي والقصف المكثف على مدينة الرقة وأطرافها، والعمليات العسكرية التي شهدتها المدينة من قصف وتفجيرات واشتباكات مع قوات عملية «غضب الفرات» المؤلفة من «قسد» وقوات النخبة السورية والقوات الخاصة الأميركية منذ بدء معركة الرقة الكبرى وحتى امس في مقتل نحو 1124 عنصراً من تنظيم «داعش» بينهم قياديون محليون وقادة مجموعات. كذلك وثق «المرصد السوري» في الفترة ذاتها مقتل 495 عنصراً من قوات عملية «غضب الفرات». وقُتِل، وفق «المرصد»، ما لا يقل عن 118 مدنياً بينهم 28 طفلاً و6 مواطنات، بسبب انفجار ألغام، خلال محاولاتهم الخروج من مناطق سيطرة التنظيم في الرقة، إلى مناطق سيطرة «قسد» منذ الخامس من حزيران الفائت وحتى يوم أمس.