انتقد الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس، رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من دون أن يسميه، في كلمة ألقاها أثناء زيارته مدينة طرابلس فقال: «إني أعتمد سياسة اليد الممدودة لتحقيق مشاركة الجميع في الحكومة وبدل أن يلاقيني البعض في هذا الموقف على العكس يمعن في اعتماد السلبية محوّلاً المسألة الى قضية شخصية». وإذ أشار ميقاتي الى «الكلام عن الخيانة والغدر» (خطاب الحريري لمناسبة الذكرى السادسة لاغتيال والده في 14 شباط/ فبراير) وقال: «لا تأبهوا لهذا الكلام الذي لا أساس له»، طرأ تطور مهم له آثار سياسية على الساحة اللبنانية، بالإعلان في الفاتيكان عن قبول البابا بنديكتوس السادس عشر استقالة البطريرك الماروني نصرالله صفير (91 عاما) من منصبه على رأس الكنيسة المارونية، ما يعني التمهيد لاجتماع مجلس المطارنة الموارنة (40 مطراناً) بعد زهاء أسبوعين من أجل انتخاب بطريرك جديد من بينهم. ويقلب قبول استقالة صفير صفحة مهمة من تاريخ وجوده على رأس الكنيسة المارونية، منذ انتخابه العام 1986، لعب خلالها دوراً سياسياً ووطنياً مؤثراً في الحياة السياسية. إذ رعى دعم قوى سياسية مسيحية لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، ثم القوى التي ناهضت الوجود السوري في البلاد وصولاً الى تأييده «ثورة الأرز» بعد العام 2005 إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري مما تسبب بخصومة بينه وبين قوى مسيحية أخرى انضوت في «قوى 8 آذار» مثل زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية. وكان صفير قدم استقالته قبل زهاء شهرين، نظراً الى تقدمه في السن، مثلما فعل سلفه الكاردينال انطونيوس بطرس خريش. وتريث الفاتيكان في قبولها الى حين اجتماعه معه أول من أمس في الفاتيكان التي يزورها لمناسبة رفع الستار عن تمثال لشفيع الطائفة المارونية مار مارون في باحة بازيليك القديس بطرس. وأشاد البابا بمزايا صفير قائلاً في رسالة اليه: «إني أقبل قراركم الحر والشهم الذي يعبر عن تواضعكم». ونسب «المركز الكاثوليكي للإعلام» التابع للبطريركية الى مصادر كنسية قولها إن أمام البطريرك 10 أيام للدعوة الى انتخاب بطريرك جديد. ويحتفل بتكريم صفير في 5 آذار (مارس) المقبل في لبنان لمناسبة اليوبيل الذهبي لسيامته كاهناً والفضي لاعتلائه سدة البطريركية، ليلتئم بعدها مجلس المطارنة في عزلة كاملة لانتخاب البديل. وينص القانون الكنسي على أن يعقد المطارنة جلستين يومياً، في خلوتين، لانتخاب البطريرك بأكثرية الثلثين (27 صوتاً) ضمن مهلة 15 يوماً، فإذا عجزوا عن الانتخاب بهذه الأكثرية يتولى الفاتيكان تعيين البطريرك الجديد من بينهم وإذا نجحوا في توافق ثلثيهم يصدر الدخان الأبيض من مقر البطريركية في بكركي. على صعيد آخر، عقد الرئيس ميقاتي في اليوم الثاني من زيارته طرابلس اجتماعات في دار الفتوى في المدينة مع رؤساء بلديات فيها وفي محيطها إضافة الى أنصاره وألقى خطابين للمناسبة. وقال إنه «متمسك بالصلاحيات الدستورية المنصوص عنها في ما يتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف ولن أتنازل عنها». وقال: «نسمع البعض (قيادات 14 آذار) يحذر من حكومة اللون الواحد وأنا مدرك تماماً خطورة حكومة اللون الواحد لأن لبنان لا يحكم إلا بالتنوع ومشاركة جميع أطياف المجتمع». وإذ نوه بالتعاون بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قال: «لا أحد سواي سيشكل الحكومة». وزاد: «ليس المهم ان نرد على المهاترات». وقالت مصادر مراقبة إن كلام ميقاتي بانتقاد مواقف الحريري من دون أن يسميه وكذلك مواقف قوى 14 آذار، جاء عشية اجتماع قادة الأخيرة، السادسة مساء اليوم من أجل إعلان موقفها من مسألة المشاركة في الحكومة، والذي ينتظر أن يعتبر أن ميقاتي لم يقدم لها جواباً عن موقفه من مطالبها التمسك بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ورفض غلبة السلاح على صعيد الحياة السياسية الداخلية، كي تشارك في الحكومة. وكان مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، أعلن أمس ان ميقاتي أبلغ المجتمعين في دار الفتوى أنه أكد تبنيه كل ما جاء في ثوابت دار الفتوى التي صدرت في 11 شباط (فبراير) والتي أشارت الى أن «تخلي الحكومة المقبلة تجاه المحكمة يشعر اللبنانيين بالغلبة والقهر».