الأسبوع الماضي كتبت عن السيارة كوسيلة كسب رزق، والحديث أصبح منكم ومعكم بعد كم لا بأس به من التجاوب، النقد، السخرية، والأفكار. وأمس توقفت لأتنفس معكم الفرح بعودة ملكنا المحبوب، الذي أصدر مجموعة من القرارات المبهجة، ولا بد من استكمال الأفكار الصغيرة بالهمم الكبيرة. لاحظت من رسالتين من شابين أنهما يؤيّدان أن تكون هناك تفاصيل في إرشادهما، أحدهما يقول إن ذويه ما برحوا يحفزونه بالاستدلال بالأجانب، وكيف «يحصلون خير»، من دون إرشاد واضح، ولست أدعي إرشاده، لكنها حصيلة حياتية وصحافية واطلاع، بل حتى «لقافة» على ما يحدث في السوق. ومن دون إطالة لا ثمر فيها، أعود لوسيلة أخرى للكسب الوفير، الذي يمارسه الإخوة والأصدقاء الأجانب لمجرد امتلاك سيارة، ورأسمال صغير، أو حتى علاقات خاصة صغيرة، وهو توزيع البضائع الخفيفة على القرى والمدن المحيطة بالمدن الكبرى. تعلمون أو يعلم أغلبكم أن محال البقالة يأتيها الموزعون من كل الشركات، الألبان، المرطبات، المياه، المنظفات، الأغذية المعلبة، وبعض السلع الاستهلاكية، والحلويات والشوكولا، التي لها وكلاء معتمدون وماركات معروفة. هذه البقالات تحتاج أيضاً إلى ما يمكنني تسميته السلع الخفيفة، تشمل مثلاً الحلويات الرخيصة، الخردوات، القرطاسية الخفيفة، الألعاب الصغيرة، وما في حكمها، ولعلكم تشاهدون في الطرق بين المدن سيارات بضائع صغيرة تحمل أشياء كثيرة على قمتها مجموعة كرات خفيفة، وتعرف من منظر السيارة أن حمولتها خفيفة، هذه هي السيارات التي تشتري من محال الجملة، وتذهب في جولة يوم أو يومين لتغطية منطقة كاملة، تبيعها ما تحتاجه وتقبض نقداً، بفارق سعر يشكل هامش الربح. صاحب البقالة الذي هو غالباً من الأجانب المتستر عليهم في هذه القرى والمدن لا يستطيع السفر للرياض أو جدة مثلاً، لأنه لا يود ترك البقالة، أو لأنه لا يملك سيارة، أو رخصة قيادة، فضلاً عن أن حاجاته قليلة، وقيمة المشوار لو أضيفت إلى فاتورتها، لانعدم الربح أو تحققت الخسارة فيها. السيارات الجوالة توفر له ذلك بشكل دوري، وكل مرة توصل له شيئاً تسأله عن طلباته للأسبوع المقبل أو حتى الشهر المقبل إذا كان في منطقة نائية بعيدة. كم تتوقعون الدخل الشهري لهذه المهنة؟ في أقل التقديرات ولرحلتين أسبوعياً فقط، يجد صاحب السيارة ربحاً صافياً بين 8 و10 آلاف ريال شهرياً، وبعضهم يجد أكثر، ولاحظوا أن مفهوم الفكرة يماثل مفهوماً قديماً لأصحاب السيارات «الفروت والجموس الحمر»، إذ كانوا مصدر النقل الأساس للقرية أو حتى الحي. كثير من شبابنا يحبون التنزه والكشتات، جربوا أن تنصحوهم بتجربة هذه الفكرة، لتصبح رحلاتهم «كشتة وبيع سبح». [email protected]