دبي، واشنطن، سنغافورة، لندن، طهران – رويترز، أ ف ب – انشغلت دوائر صنع القرار في العواصم الكبرى بانعكاسات تراجع تصدير النفط الليبي إلى الأسواق على الإمدادات والأسعار بسبب توقف معظم إنتاجها نتيجة الاضطرابات التي تشهدها، لكن إعلان المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها لتعويض نقص الكميات المصدرة من ليبيا، قلّص هذه المخاوف، وتُرجم تراجعاً في مستوياتها أمس لفترة وجيزة. كما أكدت الإدارة الأميركية ثقتها في تأمين الكميات المطلوبة، مبددة القلق من النقص في الإمدادات واحتمالات ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية. وأعلن مصدر في قطاع النفط السعودي في تصريح إلى وكالة «رويترز» أمس، أن المملكة العربية السعودية «زادت إنتاجها إلى أكثر من تسعة ملايين برميل يومياً بزيادة أكثر من 700 ألف برميل يومياً، لسد النقص في إنتاج ليبيا»، لافتاً إلى أن «لدينا طاقة انتاجية كبيرة». وتأتي الخطوة السعودية، بعدما أكدت الرياض في وقت سابق هذا الأسبوع، استعدادها ل «العمل على منع حدوث أي نقص في الإمدادات» بسبب الاحتجاجات في ليبيا، والتي أدت إلى خفض حاد في إنتاج هذا البلد العضو في «أوبك»، والذي يصدر 1.3 مليون برميل يومياً. وأفادت «وكالة مهر الإيرانية» شبه الرسمية للأنباء، أن إيران «ستستمر في التزامها مستويات الإنتاج المستهدفة داخل «أوبك»، على رغم ارتفاع الطلب. وأكد نائب وزير النفط أحمد غالباني، في تصريح إلى الوكالة، أن «لا حاجة إلى عقد اجتماع طارئ ل «أوبك»، معلناً «ارتفاع الطلب على خام إيران، التي ستستمر في التزامها حصص الإنتاج». وشدد غالباني، على أن «لا نقص في النفط في الأسواق العالمية». وفي واشنطن، سعى الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخزانة تيموثي غايتنر، إلى تهدئة المخاوف من أن «تضع التوترات في ليبيا أسعار النفط على مسار تصاعدي لفترة طويلة». وأكد أوباما، خلال لقاء مع مجموعة من مديري الشركات أول من أمس، «تجاوز الوضع في ليبيا وستستقر الأسعار». وأشار غايتنر، إلى أن العالم «يمتلك كميات ضخمة من الاحتياطات النفطية، التي يمكن استخدامها في حال استمرار تعطل الإمدادات»، وأكد أن «لدينا طاقة كبيرة في الاقتصادات الكبرى في الاحتياطات الاستراتيجية». وأمل في أن «يقلل ذلك من احتمال أن تبدأ السوق في رفع الأسعار مع مرور الوقت». وكان الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، اعتبر أن في «إمكان الولاياتالمتحدة والعالم مواجهة انقطاع في إمدادات النفط بسبب الأزمة في ليبيا». وكانت أسعار النفط سجلت تراجعاً أول من أمس في نيويورك، مع انخفاض سعر البرميل 82 سنتاً الى 97.28 دولار عند إغلاق الجلسة، في حين كانت السوق تسعى إلى معرفة ما إذا كانت دول منتجة أخرى مستعدة لتعويض الإنتاج الليبي. وساهم القرار السعودي في تهدئة الأسواق، فانخفض سعر العقود الآجلة للخام الأميركي تسليم نيسان (أبريل) في بورصة نيويورك التجارية نايمكس 50 سنتاً أو 0.51 في المئة إلى 96.78 دولار للبرميل، بعد أن جرى تداولها في نطاق بين 96.39 دولار و99.20 دولار للبرميل. وكان العقد سجل 103.41 دولار اول من أمس وهو أعلى مستوى له منذ ايلول (سبتمبر) عام 2008. وفي بورصة لندن ارتفعت أسعار عقود مزيج «برنت» تسليم نيسان 30 سنتاً أو 0.27 في المئة إلى 111.66 دولار للبرميل ليجرى تداولها في نطاق بين 110.52 دولار و 113.91 دولار للبرميل. وكان سعر العقد قفز اول من أمس إلى أعلى مستوى له في سنتين ونصف سنة عند 119.79 دولار. وافادت نشرة «إنرجي انتليجنس»، بأن السعودية «رفعت الإنتاج بهدوء لتفادي إذكاء التوترات الإقليمية». وأشارت وكالة الطاقة الدولية التي تمثل البلدان المستهلكة، إلى أن سوق النفط «فقدت حالياً ما بين 500 ألف برميل يومياً و750 ألفاً، أي أقل من واحد في المئة من الاستهلاك العالمي». وتوقع «بنك أوف أميركا ميريل لينش»، أن «يتوقف إنتاج النفط في ليبيا في شكل كامل، وربما يستمر لفترة زمنية طويلة». ورجحت سابين سيشل محللة السلع الأولية في المصرف، في تصريح إلى وكالة «رويترز»، أن «يتوقف انتاج النفط الليبي في شكل كامل، وربما نخسر الخامات الخالية من الكبريت من ليبيا لفترة طويلة».