تشهد بلدة أشمون في منطقة الدلتا في مصر، إقبالاً شديداً من أصحاب وتجار الماشية من البلدات المجاورة لبيع أضاحي العيد وشرائها منذ ساعات الفجر الأولى. لكن الكلفة العالية هذه السنة جعلت السوق ساحة للمشاهدة أكثر منها للشراء. منذ الرابعة فجر الأربعاء كان الناس يتسابقون في شوارع البلدة الضيقة في محافظة المنوفية التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن القاهرة، بعربات تحمل مختلف أنواع الماشية. وتعالت صيحات التجار وكل منهم يحاول استعراض قوة ما يملك من عجول أو جاموس أو أغنام وعافيته لجذب الانتباه. قال محمد مسعود وهو أحد التجار «العام الماضي كان هناك نشاط أكثر في السوق من حيث البيع والشراء أما هذا العام فلا تجد الماشية من يشتريها لارتفاع الأسعار». وأوضح أن ارتفاع أسعار الأعلاف نتيجة موجة الغلاء التي تمر بها البلاد من أهم أسباب زيادة سعر الأضحية، فقد ارتفع سعر العلف من 2,5 جنيه (0.14 دولار) للكيلوغرام السنة الماضية إلى 7 جنيهات في الوقت الحالي. «العجل الذي كان يبلغ سعره 15000 جنيه العام الماضي اقترب هذا العام من 30 ألفاً». بدأت موجة تضخم غير مسبوق في مصر منذ تحرير سعر صرف الجنيه في 3 تشرين الثاني (نوفمبر)، ما أفقده نصف قيمته. وسجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسياً بلغ 34,2 في المئة نهاية تموز (يوليو) على مدار السنة، وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء المصري في بيان. ويأتي ارتفاع مؤشر الأسعار ليعكس الزيادة التي أقرتها الحكومة المصرية في أسعار المحروقات بنهاية حزيران (يونيو)، استكمالاً لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي حصلت مصر بمقتضاه على قرض قيمته 12 بليون دولار من صندوق النقد الدولي على مدى ثلاث سنوات. ويقول تاجر الحبوب ناصر أبو كيلة الذي يبحث عن أضحية بسعر مناسب منذ أكثر من أسبوعين «حتى إذا إراد الناس شراء اللحوم المذبوحة فإن سعر الكيلو حالياً قفز إلى 130 جنيهاً». وعزا عدد من تجار الماشية في السوق أحد أسباب الغلاء، إلى بعض الأمراض التي تصيب الماشية مثل الحمى القلاعية التي أدت على حد قول محمود أبو القمصان، تاجر ماشية، إلى «نفوق عدد منها» في المنوفية، وبالتالي لجوء التجار لرفع سعر الماشية المتعافية. ويقول سعيد مسعود أحد قصابي القاهرة الذي جاء إلى أشمون طامعاً بأن تكون أسعار الأضاحي أقل من العاصمة «كنت أتكلف 100- 150 جنيهاً أجرة نقل الماشية إلى القاهرة العام الماضي، هذا العام ارتفعت الكلفة إلى 400 جنيه بعد زيادة الوقود» وأشار إلى أن هذه الزيادة سترفع من ثمن الأضحية عند بيعها. وأضاف «بسبب الغلاء، رفعت أجرة الذبح بمقدار 200 جنيه عن العام الماضي لتتراوح بين 800 و1000 جنيه». وقال طارق حسن وهو صاحب ملحمة في القاهرة: «الزبائن لا يقبلون على شراء الأضاحي لأن الاسعار مرتفعة جداً... «ليس هناك مقارنة بعيد الأضحى الماضي حين كان سعر كيلو اللحم 85 جنيهاً، أما اليوم فيباع ب150-160 جنيهاً هذا العام». وأكدت نجلاء رجب، وهي ربة منزل ثلاثينية أن «وضع الأسعار أصبح صعباً، فحتى تستطيع شراء 2 كيلو من اللحم تتكلف 300 جنيه من دون أن تتضمن فاتورة الشراء أي صنف آخر». وتابعت رجب أثناء شرائها اللحم من أحد القصابين في القاهرة «من كانت أضحيته عجلاً العام الماضي، يضحي هذا العام بكبش، ومن ضحى بكبش فلن تتسنى له فرصة شراء أضحية هذه المرة فلقد تضاعفت الأسعار». وأعلنت وزارة الزراعة عن توفير نحو 50 ألف أضحية بأسعار تقل عن سعر الأسواق بين 5 و10 جنيهات للكيلوغرام من خلال 187 منفذاً في 18 محافظة على مستوى الجمهورية. وقال الناطق باسمها حامد عبد الدايم «لقد حرصنا على أن يكون لكل مواطن الحق في حجز أضحية واحدة، حتى نفوت الفرصة على التجار في الاستفادة من المبادرة». وأضاف «الإقبال كبير على منافذ الوزارة لفرق أسعارها عن السوق». يذكر أن عدد سكان مصر يبلغ نحو 93 مليوناً يعيش 28 في المئة منهم تحت خط الفقر، وفقاً للإحصاءات الرسمية لعام 2015.