بعد خمس أغنيات فقط قدمها المصري علي الحجار على «مسرح القلعة»، تراجع المطرب خطوات عدة. بينما تمركز في منتصف المسرح شاب نحيل بوجه غير مألوف. وكانت أغنيته التي صدح بها بصوت جهوري وإحساس مفعم أكثر ألفة لقطاع كبير من الجمهور الذي تابع مسلسل «واحة الغروب» في رمضان الماضي، إذ كانت أغنية «سافر حبيبي» مقدمته الغنائية. قدم الحجار المطرب الشاب مغني تتر «واحة الغروب» وائل الفشني باعتباره صاحب «أفضل تتر» غنائي في رمضان الماضي، وقال: «من حسن حظنا أن الفشني معنا اليوم فهو واحد من أعضاء الفرقة». كان موقف الحجار لافتاً، خصوصاً أنه قدّم المطرب الشاب بفخر في بداية الحفلة ليستمع إليه أكبر عدد من الجمهور الذي غادر بعضه مع تقدم الوقت محكوماً بمواعيد التنقل في القاهرة، بالإضافة إلى علامات التأثر والطرب التي بدت على وجه الحجار وهو يستمع إلى تلميذه. وبالفعل، أدى المطرب الشاب الأغنية بإجادة تامة إلى درجة تفوق فيها على نسختها المسجلة والتي تحسّنها عادة مؤثرات صوتية عدة. احتشد الآلاف في القلعة ليلة الخميس- الجمعة انتظاراً لمطرب هو الأول من حيث الدخول إلى منازل محبيه، إذ يعد الحجار صاحب أكبر رصيد في غناء المقدمات الغنائية للأعمال الدرامية الشهيرة مثل «بوابة الحلواني»، «مسألة مبدأ»، «الليل وآخره»، «المال والبنون». ولذلك غلب الحضور العائلي على الحفلة، وضم الجمهور من هم فوق الستين عاماً، وهو أمر ملفت بخاصة مع انتمائهم إلى الطبقة الوسطى لا الغنية، وكذلك الأطفال ممن اصطحبهم آباؤهم إلى الحفلة ورقص بعضهم على أنغام أغاني الحجار بخاصة «الزين والزينة»، «داري جمالك» وهي أغنية حديثة ذات إيقاع سريع. وفي الأخيرة، تعرض الحجار لموقف محرج بعدما نسي بعض كلماتها لكنه واجه الموقف بثبات وشجاعة لتمضي موسيقى الكلمات التي سقطت من ذاكرته، ثم يعاود الغناء كأن شيئاً لم يحدث. قدم الحجار في الحفلة عدداً من أشهر أغنياته، بالإضافة إلى أغنية قدمها للمرة الأولى، فيما أشار إلى حفظ فرقته الموسيقية 200 أغنية طالباً من الحاضرين اختيار الأغنيات التي يريدون سماعها، ليردد الجمهور اسم «عم بطاطا» (إنتاج 1991) فأداها الحجار وسط تفاعل كبير. تحكي الأغنية عن رجل يبيع البطاطا ويصبر على الظلم، «عم بطاطا لذيذ ومعسل عمره ما طاطا لغير الله..». هي كلمات يراها الكثيرون إسقاطاً على الشعب المصري، وهذا ما أكده تصرف الحجار فيها على المسرح فعند مقطع «وبيصبر على الجار السو 50 سنة ويقول دول فكه» قال مرة «وبيصبر على الجار السو 30 سنة ويقول دول فكة»، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ثم «وبيصبر على الجار السو ل30- 6 ويقول دول فكة»، في إشارة إلى إطاحة حكم جماعة «الإخوان المسلمين». ومعلوم أن الحجار كان من أكثر المطربين تفاعلاً مع حوادث كانون الثاني (يناير) 2011 وما تلاها، وغنى وقتذاك قصيدة من أشعار الراحل عبدالرحمن الأبنودي هي «ضحكة المساجين»، ثم «أحنا شعب وانتم شعب» عقب سقوط جماعة «الإخوان» من الحكم وما تلاه من حوادث عنف. والأخيرة من كلمات مدحت العدل. بدا الحجار حيوياً خلال الحفلة، بداية من ملابسه ذات الطابع الشبابي بما يتناسب مع أجواء الحفلة الصيفية المفتوحة مروراً بحركته على المسرح وغنائه المتواصل بالطاقة ذاتها. وأكد أنه ينتظر هذه الحفلة سنوياً «حتى نلتقي هذا العدد الضخم من الجمهور»، معتبراً أن المهرجان الذي تشرف عليه وزارة الثقافة المصرية ممثلة بدار الأوبرا هو أفضل رد على قوى الإرهاب ومواجهة للأفكار الظلامية. ولم تغب الفوضى في الأماكن المخصصة للجمهور بخاصة مع غياب المنظمين، إذ تحايل البعض على عدم الرؤية بوضع ثلاثة كراسٍ فوق بعضها، وجلس آخرون على الأسوار. يضاف إلى ذلك أن الحجار صعد إلى الخشبة متأخراً عن موعده لنحو نصف ساعة، وذلك إلى حين تهيئة أجهزة الصوت، على رغم انتهاء الفرقة الأولى «بغدادي باند» من فقرتها قبل الموعد المحدد لحفلة الحجار بنحو 40 دقيقة. المهم أن الجمهور خرج سعيداً، خصوصاً أن سعر البطاقة كان 10 جنيهات (نحو نصف دولار).