توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تركيا ستحبط أية محاولة للمنظمات الكردية التي تعتبرها أنقرة «إرهابية»، لإقامة دولة كردية في شمال سورية. وتعتبر أنقرة «وحدات حماية الشعب الكردية» و «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني» السوري منظمات إرهابية، إلا أن الولاياتالمتحدة المتحالفة مع «وحدات الحماية» تقدم دعماً سياسياً وعسكرياً ولوجستيكياً ل «وحدات الحماية» لدعمها في معركة طرد تنظيم «داعش» من سورية. وبسبب هذا الدعم الأميركي تمر العلاقات بين واشنطنوأنقرة بمرحلة من التوتر. وقال أردوغان في كلمة في أنقرة أمس، «لا نسمح ولن نسمح مطلقاً لوحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديموقراطي بإقامة ما يسمى بدولة في شمال سورية». وأضاف: «إنهم يريدون إقامة ممر إرهاب في شمال سورية يصل إلى البحر المتوسط». وتتولى الأحزاب الكردية السورية إدارة منطقتين في شمال شرقي سورية إضافة إلى منطقة عفرين غرباً. وقال أردوغان إن تركيا ستواصل القتال ضد المنظمات الإرهابية «أينما وجدت»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعتبرها تركيا مرتبطة ب «حزب العمال الكردستاني» المحظور الذي تصنفه أنقرةوواشنطن وبروكسيل منظمة إرهابية. ويشن الحزب المحظور تمرداً ضد الحكومة التركية منذ 1984 قتل خلاله أكثر من 40 ألف شخص. وفي آب (أغسطس) العام الماضي شنت تركيا عملية عبر الحدود في شمال سورية هدفت إلى تطهير المنطقة الحدودية من المقاتلين الأكراد والعناصر المتطرفة في أوساط فصائل المعارضة السورية. وتدور تكهنات بأن أنقرة ربما تخطط لتمديد العملية ضد «وحدات حماية الشعب الكردية» لإخراجها من عفرين، بعد أن قال أردوغان إن وجودها هناك يعد «تهديداً» لتركيا. وأشار أردوغان في الخامس من آب إلى أن تركيا تخطط لتوسيع عمليتها باتخاذ «خطوات جديدة ومهمة»، إلا أنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل. وأكد أردوغان الاثنين أن عملية مشتركة مع إيران ضد المقاتلين الأكراد «مطروحة على الدوام» بعد أسبوع من زيارة رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أنقرة حيث أجرى محادثات نادرة. تزامناً، تحاول الحكومة التركية تجنيب محافظة إدلب، شمال سورية، عملية عسكرية، من خلال مقترح يتضمن ثلاثة بنود تتم دراسته مع الفصائل والتنظيمات العاملة في المنطقة. وذكرت صحيفة «يني شفق» التركية، المقربة من دوائر القرار في أنقرة، أمس أن المقترح التركي يتمثل في ثلاث نقاط أساسية وهي تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية للمدينة تتكفل في إدارة شؤونها الإنسانية والحياتية، مع تحييد التنظيمات المسلحة عن إدارتها، إضافةً إلى «تحويل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي يتكفل بحفظ الأمن، وحل هيئة تحرير الشام في شكل كامل». وأوضحت الصحيفة أن «جهات رسمية تركية تجري حالياً اتصالات مع المعارضة السورية، والتنظيمات الفاعلة في المدينة من أجل التوصل إلى حل يلغي أسباب القيام بعملية عسكرية في المحافظة». وبحسب الصحيفة، تتحضر الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا، لشن عملية عسكرية في إدلب التي سبق ووصفتها واشنطن ب «المعقل الأول لتنظيم القاعدة في العالم»، بعد سيطرة «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) على غالبية المحافظة وتهميش بقية تنظيمات المعارضة. وأشارت الصحيفة إلى أن «تركيا تخشى أن تؤدي هذه العملية إلى تقوية النظام السوري من خلال إنهاء أكبر معقل للمعارضة السورية المسلحة، إضافة إلى الخشية من وقوع كارثة إنسانية على حدودها». إلى ذلك، بدأت «الإدارة المدنية للخدمات» (التابعة لجبهة النصرة) في إدلب إجراءات من شأنها فرض سطوتها على مجالس محافظة إدلب. ووفق تعميم حصل موقع «عنب بلدي» على نسخة منه قالت الإدارة إن «المديرية العامة للإدارة المحلية هي الجهة الوحيدة المخولة بمتابعة أمور المجالس المحلية في المناطق المحررة». ولم تُعلّق الحكومة الموقتة التي تُدير وزارة الإدارة المحلية فيها المجالس، على التعميم. وتقول «هيئة تحرير الشام»، أو النصرة، إن «الإدارة المدنية للخدمات» هي هيئة جامعة للمؤسسات الخدمية العاملة في مناطق الشمال السوري «المحرر». وكان مجلس مدينة إدلب المُشكل مطلع العام الحالي، أطلق مبادرة دعت إلى تشكيل «حكومة إنقاذ»، خلال اجتماع حضرته معظم مؤسسات المجتمع المدني في إدلب وما حولها الأسبوع الماضي. وسيطرت «هيئة تحرير الشام» على مفاصل محافظة إدلب الاقتصادية والعسكرية، بعد اقتتالٍ مع «حركة أحرار الشام الإسلامية»، كما سيطرت على معبر باب الهوى الحدودي ومناطق أخرى. ويُحاول مجلس إدلب الذي يقول إنه مستقل، على رغم الحديث عن تبعيته في شكل غير مباشر ل «تحرير الشام»، إنقاذ المحافظة من مغبّة حرب دامية. وتضم المحافظة أكثر من 2.9 مليون مدني، كثيرٌ منهم هجروا من مناطق أخرى.