«ضروري جداً لأي حد هايشارك في الثورة أن يجهز الآتي: زجاجة خل للتغلب على الغازات المسيلة للدموع بسهولة... كمامات واقية ومناديل لاستنشاق الخل... إسبراي دوكو أسود للدفاع عن النفس وشل حركة قائدي السيارات المدرعة... حذاء رياضي ثابت على الأرض ومرن... لا تستخدم العنف أو الشتائم مع الأمن... ممنوع التخريب... هات كاميرا كويسة معاك وصور... وما تقلقش وبلاش ضعف». هذا ما كتبه الفنان الشاب أحمد بسيوني في صفحته على «فايسبوك» قبل ساعات من نزوله إلى الشارع للمشاركة في ثورة الغضب. كتب بسيوني هذه الكلمات وهو لا يدري أنها ستكون الكلمات الأخيرة التي يوجّهها إلى أصدقائه على صفحته الخاصة، والتي تتصدرها صورة رمادية لأحد الأقنعة الواقية من الغازات. استشهد بسيوني في 28 من الشهر الماضي، وهو اليوم الذي شهد أكثر المصادمات عنفاً بين الأمن والمتظاهرين. قتل الفنان أحمد بسيوني رمياً بالرصاص في قلب ميدان التحرير ولم يكن معه من سلاح سوى كاميرته الخاصة التي حاول بها توثيق ما يحدث، فهو مدرّس مساعد في كلية التربية الفنية في القاهرة ويشارك بفاعلية في حركة التشكيل المصري منذ تخرجه عام 2000، وكان لديه اهتمام خاص بتوظيف الموسيقى الإلكترونية في العمل الفني إلى جانب اعتماده على الصورة الفوتوغرافية والفيديو. شارك بسيوني بأعماله في عدد من المعارض الجماعية، كان آخرها بعنوان «ليه لأ» الذي كان مخصصاً للفن المعاصر، كما تبنى لمدة خمس سنوات ورشة عمل صيفية في كلية التربية الفنية عن الوسائط السمعية والبصرية، وحصل على جوائز عدة عن مشاركاته الفنية في صالون الشباب وعدد من الفاعليات الفنية التي أقيمت في القاهرة، وللفنان بسيوني طفلان، آدم (ست سنوات) وسلمى التي لم تكمل عامها الأول بعد. يصف بسيوني تجربته في كلمة كان قد كتبها على صفحته المنشورة في موقع السيرة الذاتية للفنانين المصريين التابع لقطاع الفنون التشكيلية قائلاً: لقد استفدت وتأثرت كثيراً بحركة الفن الحديث والمعاصر والتي تستخدم أدوات جديدة وبعيدة من القيود الأكاديمية. وكان لاطلاعي على أعمال الفيديو أثر كبير انعكس على أعمالي الفنية وأعمل على اتخاذ تلك الأدوات كوسيلة لتقديم رسالتي إلى المجتمع، وخلافاً للفيديو تأثرت أيضاً بفنون الصوت وكيفية استخدامه للتعبير عن حالة تشكيلية خاصة كفن التحاور اللغوي المفهوم وغير المفهوم، وانصبّ اهتمامي منذ فترة على محاولة المزج بين وسائط صوتية تنتمي إلى ثقافات مختلفة مثل دخول آلة الربابة في كورال أوبرالي. ودعا فنانون إلى العمل على تكريم روحه من خلال إنشاء جائزة باسمه، ويتم الآن التحضير لمعرض شامل يضم عدداً من أعماله يقوم بالإعداد له الفنان شادي النشوقاتي وبعض أصدقائه. ويشهد الوسط الفني حالياً عدداً من التحركات يقودها فنانون مستقلون لتنظيم فاعليات فنية مواكبة للأحداث الجارية تستطيع الالتحام مع الجماهير في الشارع المصري حيث تجرى لقاءات مستمرة في أتيليه القاهرة منذ أيام للعمل على مواضيع عدة تم اقتراحها، منها العمل على جمع المواد المكتوبة والمصورة والتي تصلح لأن تكون شهادات توثيقية لما يحدث الآن، والبدء بإقامة عدد من ورش العمل الجماهيرية للأطفال والكبار في مجال التعبير بالصورة والرسم، وتصميم «بوستر» يمكن توزيعه على أماكن مختلفة لتوعية الناس وحضّهم على المشاركة في الاحتجاجات الجارية، كما تمت الدعوة أيضاً إلى وضع تصورات مختلفة لشكل العلم المصري. وفي سياق متصل دعا الفنان محمد عبلة إلى سحب الثقة من نقيب التشكيليين رسام الكاريكاتير مصطفى حسين لاتخاذه موقفاً متخاذلاً من الثورة المصرية، والسلبية التي بدت عليها مواقف النقابة تجاه ما يحدث على الساحة المصرية.