أعطى الرئيس الإيراني حسن روحاني بعداً جديداً لتمسك حكومته بالاتفاق النووي، منوهاً بدور الديبلوماسية الإيرانية في «حماية ثمار الاتفاق» والتصدي ل «العدو» الأميركي» و «التجرؤ على من يعترض مصالح بالبلاد». ومن خلال أسلوب التصعيد الذي اعتمده واعتباره الاتفاق النووي انجازاً للبلاد في وجه اعدائها، نجح روحاني في انتزاع الثقة بحكومته في مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون. ودافع روحاني في خطاب أمام المجلس قبل جلسة التصويت أمس، عن انجازات وزير الخارجية جواد ظريف، مؤكداً أن الواجب الأساسي لوزارة الخارجية هو الدفاع عن الاتفاق النووي. وقال إن «الذي يدافع عن الاتفاق النووي، يقاوم الأعداء والولاياتالمتحدة وإسرائيل وبعض البلدان الصغيرة التي تعرقل» تطبيقه. وشدد على استحالة تحقيق تقدم اقتصادي في ظل عزلة. وشكل ذلك تحولاً عن تهديد روحاني الأسبوع الماضي بالتخلي عن الاتفاق النووي خلال ساعات، إذا واصلت الولاياتالمتحدة سياسة «العقوبات والضغوط». وقال إذا أرادت الولاياتالمتحدة «العودة إلى هذه الأساليب، سنعود بالتأكيد وخلال فترة قصيرة لا تعد بالأسابيع والأشهر، بل في غضون ساعات وأيام، إلى الوضع السابق وسنكون أقوى بكثير». وأتى موقف روحاني في حينه رداً على فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعة من العقوبات القانونية والمالية أقرها الكونغرس ضد إيران. وأشار الكونغرس الى أن هذه الإجراءات العقابية تأتي بسبب برنامج الصواريخ الإيراني ولا علاقة لها بالاتفاق النووي المبرم في تموز (يوليو) 2015 والذي ينص على أن تقصر إيران برنامجها الذري على الاستخدام المدني في مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية. واعتبرت إيران أن العقوبات التي وقعها ترامب تنتهك الاتفاق النووي. وصوت مجلس الشورى الإيراني أمس، بعد مناقشات استمرت اياماً، على منح الثقة ل 16 من 17 وزيراً في التشكيلة الحكومية لروحاني التي قدمها بعد إعادة انتخابه في أيار (مايو) الماضي لولاية ثانية من أربع سنوات. ووحده وزير الطاقة الاصلاحي حبيب الله بيطرف، لم يحصل على الثقة. وهو كان وزيراً في حكومة الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (1997-2005). أما معظم المرشحين الآخرين لحقائب وزارية، وأبرزهم ظريف (الخارجية) وبيجان نمدار زنقنة (النفط)، حصلوا على دعم كبير من المجلس. وتألفت الحكومة الإيرانية من 18 وزيراً لكن روحاني لم يسمّ أحداً لمنصب وزير العلوم والتكنولوجيا والبحث. وقال روحاني إن «أولوية الحكومة هي استحداث فرص عمل، وذلك لا يمكن أن يتم من دون استثمارات أجنبية ودخول تكنولوجيات جديدة الى البلاد» في وقت بلغت نسبة البطالة 17.7 في المئة من عدد السكان وطاولت نحو 27 في المئة من الشبان. وأوضح روحاني أن البلاد تحتاج في مجالي النفط والغاز الى 200 بليون دولار من الاستثمارات الأجنبية. وقال إن «مشاريع تبلغ كلفتها الإجمالية 100 بليون دولار تحددت حتى الآن». وشدد الرئيس الإيراني على أن «أي بلد لا يحقق تقدماً إذا كان معزولاً»، مشيراً الى أن «على وزارة الشؤون الخارجية إعداد الظروف الملائمة لاجتذاب الاستثمارات والتكنولوجيا الأجنبية». ووقعت مجموعة «توتال» الفرنسية التي ترأس كونسورسيوم دولياً مع شركة «سي أن بي سي أي» الصينية، اتفاقاً مع طهران في مطلع تموز (يوليو) الماضي، قيمته 4.8 بليون دولار، لتطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل الغاز «اوف شور بارس» في الخليج. وهذا أول اتفاق يوقع في مجال الطاقة منذ بدء تطبيق الاتفاق النووي، على رغم الضغوط الأميركية. وتأمل إيران في توقيع اتفاقات أخرى في الأشهر المقبلة.