عدّت المشرفة العامة على الفرع النسوي في هيئة حقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة وعضو برنامج الأمان الأسري والأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتورة فتحية بنت حسين القرشي التسول من المشكلات الاجتماعية مختلفة الأبعاد. وأكدت في حديث خاص إلى «الحياة» أن الظاهرة توجد في المجتمعات كافة، ولم تستثن حتى تلك التي لا تترك مجالاً للعوز وتمنح العاطلين والعاجزين عن العمل ما يكفيهم لحياة كريمة وملائمة لمستويات المعيشة، وقالت: «أتوقع ظهور وانتشار مشكلة التسول من سعوديين عاطلين عن العمل كانوا ضحايا ضعف التنسيق بين مطالب سوق العمل والمخرجات التعليمية، أو تقدموا بطلبات عمل لأكثر من جهة خاصة وتم رفضهم»، مرجعة ذلك إلى أن من بين أصحاب الأعمال من تعود المتاجرة بالبشر بممارسة الاستغلال وتكليف المتعاقد بأمور يرفض المواطن القبول بها، على اعتبار أن كثير من العمالة الأجنبية تقدم التنازلات ليستمر التعاقد معها. وأضافت: «تؤكد ثقافة المجتمع السعودي على الكرامة والسمعة وعفة النفس استناداً إلى توجيهات الدين الإسلامي بعدم سؤال الناس «تكثراً» وأن الغني غني النفس، فإننا نادراً ما نرى بين المتسولين سعوديين، إذ يكثر التسول بين الفئات الوافدة التي توجد بصفة غير نظامية، فيعتمد مورد رزقها على الفرص وتعمل في كل ما يوفر لها العيش ولا تتوانى في سبيل ذلك عن القيام بأي نشاط كالتسول والسرقة وغيرها». واستنكرت القرشي تجاوب الناس مع المتسولين خصوصاً المتحايلين منهم. وأردفت: «على رغم خطر بعض أنشطة المتسولين واستخدام الأطفال في جذب العطف بما يعتبر متاجرة معلنة بالبشر، إلا أن هناك مواطنين ومقيمين يتجاوبون معهم ويمنحونهم المال على سبيل الصدقة والإحسان، وأضافت: «إن ذلك يشجعهم على التمادي في استخدام هؤلاء الأبرياء وإجبارهم على التسول ومعاقبتهم على ضياع فرصة الكسب المشروع، وبذلك يحرمون أولادهم من حقوقهم ويكلفونهم بأعمال تنحرف باهتماماتهم ويمنعوهم من الدراسة أو الانتظام فيها ليكبروا ويصبحوا من محبي الدرهم والدينار ولا يتورعون عن ارتكاب الجرائم في سبيل الكسب»، مشددة على ضرورة تضافر الجهود الحكومية والأهلية لمنع التسول وعدم منح المتعاملين ما يعزز الأطماع والاكتفاء بإرشادهم إلى الجهات الحكومية والأهلية التي تقدم المساعدات للمحتاجين بعد التأكد من واقعية حاجتهم، وعدم استغفالهم للناس واحتيالهم واغتيالهم طفولة أبنائهم أو أبناء غيرهم.