صدر في لندن عن دار عود الند كتاب عنوانه «بيروت 1982: اليوم «ي»» وهو من تأليف عدلي الهواري. يعنى الكتاب بفترة الحصار الإسرائيلي لبيروت في صيف 1982، ويركز على الجانب المتعلق بالجهود السياسية والديبلوماسية التي جرت من أجل الاتفاق على تفاصيل خطة لخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية (م ت ف) وقيادتها ومكاتبها وفصائلها من بيروت. يتزامن صدور الكتاب مع الذكرى السنوية الخامسة والثلاثين للاتفاق الذي تم في آب (أغسطس) 1982، والذي أسفر عن خروج المقاتلين والقادة والمكاتب في «م ت ف» من بيروت خروجاً آمناً، بحضور قوات أميركية وفرنسية وإيطالية، وشمل السماح للمقاتلين المغادرين بحمل سلاح خفيف. واعتبر حدث الخروج من بيروت «زلزالاً» فقد أدى إلى إضعاف «م ت ف»، من خلال تشتيت قواتها بتوزيعها على بضع دول عربية، وأدى بالتالي إلى إضعاف وضع القضية الفلسطينية. وكان من نتائجه المأساوية مجازر صبرا وشاتيلا التي وقعت بعد فترة وجيزة من الخروج. يتميز الكتاب باعتماده مصادر أولية من بينها مراسلات بين «م ت ف» والمبعوث الأميركي، فيليب حبيب، من خلال لجنة ارتباط لبنانية-فلسطينية، وأخرى فلسطينية بين بيروت وواشنطن في سياق محاولات التواصل المباشر أو غير المباشر مع مسؤولين وسياسيين أميركيين على أمل التوصل إلى حل لا يقتصر فقط على مسألة خروج القوات الفلسطينية، بل يسعى أيضاً إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية. وكان الرئيس الأميركي آنذاك، رونالد ريغان، طرح فور إكمال الخروج مبادرة من أجل حل للقضية الفلسطينية، يتم من خلال الأردن أو مصر، ولا يكون لمنظمة التحرير دور مباشر في التوصل إليه. يعزز المؤلف المراسلات بمقتطفات من شهادات منشورة لشخصيات فلسطينية وأميركية ذات علاقة بالاتصالات الفلسطينية - الأميركية، وبذلك تتكامل المعلومات الواردة في المراسلات مع وجهات نظر عدد من المعنيين، وينتج من ذلك صورة مفصلة لما دار في الكواليس، وتطور المواقف إلى أن وصلت إلى صيغة الخروج الآمن مع أسلحة خفيفة، وتقديم الأسلحة الثقيلة هدية من م ت ف إلى الجيش اللبناني. وقد سمي يوم الخروج اليوم «ي» في الأوراق التي أرسلتها القيادة الفلسطينية إلى المبعوث الأميركي. وفي القسم الأخير من الكتاب يدلي المؤلف بوجهة نظره في بعض المسائل المرتبطة بخروج المنظمة من بيروت، مثل قضية ضمانات أمن الفلسطينيين المقيمين في لبنان التي طرحت بقوة بعد وقوع مذبحة صبرا وشاتيلا، وغياب الرؤية القيادية لمرحلة ما بعد بيروت، إضافة إلى طرح بعض الأفكار في شأن الخروج من الطريق المسدود الذي دخله النضال الفلسطيني ولا يزال فيه حتى الآن. الكتاب زاخر بالمعلومات المفيدة لكل المعنيين بشؤون القضية الفلسطينية. وقد تناول موضوع حصار بيروت واتفاق الخروج منها بصورة جديدة ورصينة، إذ سعى جاهداً إلى رسم صور متكاملة تعين المهتمين على فهم وتقييم تلك الفترة التاريخية العصيبة. وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب الجديد هو السادس للمؤلف.