للسنة السابعة على التوالي، يتيح «مهرجان الفيلم العربي في عمّان» الذي تقيمه الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بدءاً من يوم الأحد المقبل وحتى السادس والعشرين من الشهر الجاري، فرصة نادرة لهواة السينما العربية المميزة لمشاهدة عدد من أفضل ما أُنتج في البلدان العربية من أفلام روائية طويلة خلال الفترة الأخيرة. فعلى مدى سبعة أيام، وتحت رعاية وزيرة السياحة والآثار، تعرض الهيئة في مركزها الدائم في العاصمة الأردنية، عدداً من تلك الأفلام المميزة الآتية من عدد من البلدان العربية التي لبعضها رسوخ في الإنتاج السينمائي معترف به ويحضر بعضها الآخر في أعمال غير متوقعة. وهي في مجملها أفلام سبق أن جالت في عشرات المهرجانات العربية والعالمية ونال بعضها جوائز لافتة فيما حقق بعضها الآخر نجاحات حتى في العروض الجماهيرية في الصالات الأوروبية. إذاً، على مدى أسبوع كامل، سيكتشف جمهور العاصمة الأردنية أن بعض السينما العربية، المستقلة وإن ضمن حدود، يبدو في خير في وقت يطلق أجيالاً جديدة من مبدعين سينمائيين، مخرجين وفنيين آخرين، بل حتى منتجين أحياناً، لا شك في أنها تمثل الأجيال البديلة المتمكنة من فنها في هذه المرحلة الانتقالية العربية على الصعد كافة. تبدأ العروض في اليوم الأول بالفيلم المصري الذي بات له من الشهرة ما يقربه من أن يصبح من «كلاسيكيات» السينما العربية الجديدة، «علي معزة وإبراهيم» لشريف البنداري، والذي عرض أخيراً في الصالات التجارية الباريسية حيث حقق إقبالاً مشرفاً، بل لم يكن متوقعاً. وفي اليوم التالي، تعرض التظاهرة فيلم التونسية كوثر بن هنية قبل الأخير «زينب تكره الثلج»، والذي كان ثانيها بعد فيلم انطلاقتها البديع «شلاط تونس»، وفيه أكدت قوة لغتها السينمائية وعمق مواضيعها. بعده يحل فيلم اللبناني فاتشي بولغوريان «ربيع» الذي لفت الأنظار قبل عامين في مهرجان «كان» بموضوعه المنطلق من الحرب ليجرؤ على إعطاء البطولة لموسيقي كفيف يبحث عن هويته وسط بؤس ما بعد الحرب في لبنان. أما عرض الأربعاء فيخص الفيلم الفلسطيني «اصطياد أشباح» لرائد أنضوني وهو الفيلم الذي سجّل جديداً، من ناحيتي الموضوع واللغة السينمائية في مجال معالجة القضية الفلسطينية ومآسي المعتقلين لدى السلطات الإسرائيلية. التالي سيكون تحفة المصري تامر السعيد في فيلمه الروائي الطويل الأول «آخر أيام المدينة» الذي قوبلت عروضه بمقالات نقدية ميّزته عن السينمات العربية الراهنة، لا سيما في عروضه الباريسية التي لفتت النظر إلى الذاتية الجديدة التي باتت تسم بعض السينما العربية الراهنة. ومن مصر تامر السعيد إلى مغرب هشام العسري الذي يتجول بنا في فيلمه «ضربة في الرأس» في الدار البيضاء وجوارها يوم نهائيات كأس العالم 1986، مبيناً بسخريته اللاذعة ولغته السينمائية المتشظية التي باتت من علامات حداثة معينة في السينما المغربية، أحداثاً تتخذ دلالتها من توليف المتفرج نفسه لها. أما الختام فسيكون في اليوم السابع مع الفيلم السعودي «بركة يقابل بركة» الذي كان من أبرز الأفلام العربية التي عرضت في بلدان عربية وأجنبية كثيرة خلال الشهور الأخيرة، لتكشف عن وعود سينمائية عربية وتحديداً سعودية جديدة... سبعة أفلام إذاً، ست تيح على مدى أيام اكتشاف سينمات عربية شابة جديدة يتميّز أكثر من نصفها بكونه الأعمال الأولى لمخرجيها، وتتميّز جميعاً بإطلالاتها على الواقع الاجتماعي في بلدانها بعيداً من الفصاحات الأيديولوجية التي كانت قد اعتادت أن تسم أفلام الأجيال السابقة.