لا تصدق أم فيصل مثلها مثل العديد من المتسوقين والمتسوقات في الأسواق السعودية أن ما تسميه «الغلاء الفاحش» يمكن أن يكون مستورداً من الخارج، مشيرة الى أن ما يحدث بالأسواق هو بفعل فاعل محلي وجشع من التجار الذين لا يجدون من يكبح جماح رغبتهم العارمة في الثراء وتحقيق الأرباح على حساب الفقراء ومحدودي الدخل. فالأسعار كما تقول أم فيصل في ارتفاع مستمر وهي لا تعود للانخفاض كما في حال إيجارات المساكن التي تمتص نحو نصف دخل محدودي الدخل، فضلاً عن تفاوت أسعار السلعة نفسها في كثير من الأحيان من متجر الى آخر، ولا مبرر لذلك سوى أن تحديد الأسعار كما يقولون أصبح بيد التاجر في غياب أي رقابة رسمية أو شعبية. أم فيصل هي واحدة من بين شريحة متنوعة من المتسوقين استطلعت «الحياة» وجهة نظرهم حول مستويات الأسعار في الأسواق السعودية، وجميعهم رأوا أن أسعار السلع والخدمات قفزت الى مستويات قياسية وربما غير مسبوقة، وبلا ضابط يحكم حركتها كم تتقدم بوتيرة متسارعة بلا كابح بصورة تعطي الانطباع أن الأسواق تشهد سباقاً لرفع الأسعار. ووفقاً لقائمة صادرة من أحد أكبر متاجر التجزئة في السعودية فقد شهدت أسعار بعض السلع ارتفاعات كبيرة خلال العام الماضي. ورسم المدير العام لمجموعة العثيم عبدالله العثيم صورة أسعار بعض السلع العام الماضي، وقال: «ارتفع سعر السكر 10 كيلو بما نسبته 62 في المئة من 25 ريالاً الى 40 ريالاً، وارتفعت المشروبات الغازية 50 في المئة من 21.95 ريال الى 32.25 ريال، وجبن كاسات وطني 18 في المئة من 93.5 ريالاً الى 110 ريالات، والدجاج المستورد 18 في المئة من 93.5 ريال الى 110 ريالات، وزيت النخيل 16 في المئة من 55 ريالاً الى 64 ريالاً، والرز مزة من 214 ريالاً الى 245 ريالاً، وحليب طويل الأجل 10 في المئة من 29.95 ريال الى 32.95 ريال. ويقول العثيم ان الأسعار مع بداية العام الحالي تبدو مستقرة، باستثناء زيادات بسيطة في الزيوت والسكر (عبوة 10 كيلو) وحليب البودرة والرز، فيما شهدت عبوات السكر (50) كيلو انخفاضاً في حدود 5 في المئة. ووفقاً لأرقام البنك السعودي الفرنسي فقد بلغ معدل التضخم 5.4 في المئة عام 2010 مقارنة ب 5.1 في المئة عام 2009، وهو الأعلى خلال الفترة من 2003 عندما سجل 0.6 في المئة وحتى نهاية العام الماضي باستثناء عام 2008 عندما سجل التضخم رقماً قياسياً هو الأعلى في تاريخ وبلغ خانة العشرات. ومنذ عام 2006 ظلت المملكة تسجل مستويات تضخم فوق 1 في المئة، وبلغت 2.2 في المئة عام 2006 و4.1 في المئة عام 2007، ما عزاه الاقتصاديون الى علاقة الريال بالدولار والتضخم مستورد. وأوضح المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي تركي الحقيل، أن إيجارات المساكن ظلت تسجل ارتفاعات متتالية بلغت ذروتها عام 2008 بمعدل 19.1 في المئة مقارنة ب8.2 في المئة عام 2007 و18.1 في المئة عام 2009 و13.9 في المئة عام 2010، فيما بلغت أسعار الأطعمة والمشروبات ذروتها عام 2008 بارتفاع نسبته 14.9 في المئة مقارنة ب7.9 في المئة العام السابق 2007 و8.8 في المئة العام الماضي. فوضى الأسواق وتقول أم فيصل ان هذا الغلاء يطحن ذوي الدخل المحدود أكثر من غيرهم، وهذه الطبقة بالذات لا حديث لدى أفرادها سوى التضخم وسبل مواجهة متطلبات حياتهم اليومية، «لكن المحير هو التفاوت الكبير في أسعار المنتجات ولاسيما الغذائية في مختلف متاجر التجزئة، تفاوت يعكس الفوضى التي تجتاح السوق من دون رقيب ليكون المواطن هو الضحية ولا نصير له». وأضافت: «نحن عاجزون عن الحصول على ضروريات حياتنا اليومية مثل السكر الذي كان في متناول الجميع عندما كان سعر ال10 كيلو يتراوح بين 19 و21 ريالاً قبل أن يقفز الى ما بين 40 و47 ريالاً للكمية نفسها، الى جانب الرز الذي لا غنى للأسرة السعودية عنه وكذلك حليب البودرة». وتابعت قائلة: «قبل فترة ليست بعيدة كان بمقدورنا الحصول على رز جيد وبأسعار معقولة، لكن سعر 10 كيلو رز ارتفع الآن بنسبة تزيد على 100 في المئة صعوداً حتى مستوى 64 ريالاً، حاولنا البحث عن جودة أقل وبدائل وبسعر معقول لكن من دون جدوى، حتى البديل غال وغير قابل للاستهلاك الآدمي». أما السكن فحدث ولا حرج تقول أم فيصل: «رفع صاحب العقار إيجار شقتها المتواضعة من 18 ألفاً الى 30 ألف ريال سنوياً، على رغم أن المبنى متهالك ويزيد عمره على 35 سنة، وفوق هذا يهددك صاحب العقار بالطرد في حال عدم دفع الإيجار في وقته المحدد كاملاً غير منقوص». وتتساءل أم فيصل كيف يمكن لأصحاب الدخول المتدنية التي تتراوح أجورهم بين 3000 ريال شهرياً الى 4000 ألف ريال أن يقوموا بالرعاية الكاملة لأسرهم في ظل هذه المستويات المخيفة للأسعار؟، مشيرة الى أن الشباب الداخلين في سوق العمل ويتقاضون ما متوسطه 2000 ريال شهرياً ما عليهم سوى تغطية متطلبات حياتهم اليومية من بنزين السيارة وبطاقات الاتصال وعليهم أن ينسوا لفترة طويلة مسألة التفكير في الزواج وتكوين أسرة. وتشير أم فيصل الى أن كل شيء تعطل في ظل هذه الأوضاع العادية «لا رب الأسرة قادر أن يكمل طلبات البيت ولا الشباب قادر على التفاؤل بالغد والتفكير في الزواج لأنهم محاصرون بالديون وهو الوسيلة الوحيدة المتبقية لسد الفجوة بين القدرات المالية والطلب على الضروريات». وتمضي أم فيصل قائلة: «العلاج أقل مشوار للطبيب يكلف ما بين 200 إلى 300 ريال للفرد، فضلاً عن الأدوية وهي غالية جداً حتى لو كانت أقل جودة»، مشيرة الى أن العلاج حق مشروع لها كإنسانة وليس كمواطنة. وترى أن هناك حلاً وحيداً وهو الجلوس في المنزل وهذا حل غير منطقي. وتضيف: «المواطنون يكبرون وكذلك الشباب ولا اعرف أي مكان سيأوينا لاحقاً، وفكرت في المستقبل لإدراكي أن لا أحد سيأويني، وحين اتصلت بدار العجزة قالوا لي إن عليك الحجز قبل خمس سنوات، ما يعني أن دار العجزة لن يأوينا». وتختتم أم فيصل حديثها ل «الحياة» قائلة ان صبرها نفد تجاه الارتفاع المستمر للأسعار التي التهمت دخل الأسرة وضربت بقوة في السلع الأساسية للأسرة السعودية. تلاعب التجار من ناحيتها، تقول المواطنة السعودية سلوى الخليفة، إن هناك ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار السلع ومنها السكر الذي كان سعره في عام 2002 نحو 12 ريالاً للعشرة كيلو، أما حالياً فإن سعره يزيد على 40 ريالاً وأكثر، وكذلك حليب البودرة الذي بلغ 40 ريالاًٍ بينما كان في السابق 24 ريالاً، أما الرز السلعة الرئيسة للمستهلك السعودي فقد ارتفع بشكل كبير حيث كان سعر الكيس سعة خمسة كيلوات يتفاوت بين 10 و 12 ريالاً ليرتفع إلى 25 ريالاً وأعلى. وعلى صعيد الخدمات، تقول الخليفة إن الأسعار تسجل ارتفاعات كبيرة أيضاً، خصوصاً الخدمات الخاصة مثل تأجير السيارات وتذاكر السفر والمساكن التي تضاعفت تقريباً على رغم أن معظم العقارات قد تم بناؤها عندما كانت أسعار مواد البناء أقل بكثير من الآن. وتعزو الخليفة أسباب ارتفاع الأسعار إلى جملة من الأسباب منها: تلاعب التجار والمحتكرين بالسلع التي يحتاج إليها الناس، الجشع والحرص على كسب المال بأية طريقة، وانتشار المعاملات الربوية، فضلاً عن غياب الرقابة الدقيقة على مستوردي السلع والتجار ما يعطي فرصة لهم بالتلاعب بالأسعار، وذلك على رغم وجود نظام لحماية المستهلك. وتحمل سلوى مسؤولية التضخم على التجار وموردي وموزعي السلع الاستهلاكية وفي الدرجة الأولى وزارة التجارة ومكتب حماية المستهلك، لكنها تقر أيضاً بوجود عوامل خارجية. وفيما لا ترى أملاً في انخفاض وشيك للأسعار تطرح الخليفة جملة من المقترحات للحد من ارتفاع الأسعار منها تفعيل دور وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك للحماية من الغش التجاري والارتفاع غير المبرر للأسعار، كما ترى ضرورة زيادة مهارات الاستهلاك لدى المواطنين بإقامة برامج ترشيدية، إلى جانب عمل دراسات عن التضخم المادي في المملكة للمساهمة في معرفة الأسباب وإيجاد الحلول. وتقول المواطنة عزة النفيعي إن من الواضح أن لدينا مشكلة كبيرة في الأسعار، وهناك تحالف خطر بين التضخم والفقر، وحينما تكون البطالة حاضرة نكون أمام مصيبة حقيقية. وتشير النفيعي إلى أن موازناتها تظهر تضاعف الإنفاق على السلع الغذائية، حتى الأدوية كما تقول ارتفعت بشكل مؤرق للمستهلكين، إذ يختلف سعر الدواء نفسه من صيدلية إلى أخرى. ومثل جميع المستهلكين لا تتوقع النفيعي أي بارقة أمل في انخفاض الأسعار في المستقبل القريب في ظل الجشع السائد لدى التجار، ولذلك تطالب بحل جذري ووضع حد لهذا الجشع لدى ضعاف النفوس الذين يستغلون الأوضاع لمصالحهم الشخصية فهذا الأمر غير محتمل. وتختتم النفيعي قائلة: «الفئة الأكثر تضرراً مما يحدث في الأسواق هي الفئات الضعيفة منخفضة الدخل فهم يدفعون الثمن وأمورهم مرتبكة». أما المقيمة العربية رحاب (فضلت ذكر الاسم الأول من اسمها) فترى أن كل البيوت تعاني مما تسميه ظاهرة التضخم، أي هذه الارتفاعات الحادة في أسعار السلع كافة وبخاصة المنتجات الغذائية مثل السكر والرز والخضراوات والفواكه والزيوت، فبعضها زاد كما تقول بنسبة الضعف مقارنة بما كانت عليه في الماضي القريب، وبعض السلع زادت بأكثر من ثلاث أضعاف مثل الطماطم والبصل وبعض السلع التي لا غنى عنها. ووفقاً لرحاب، فقد ارتفع السكر زنة 10 كيلوات من 21 إلى 45 ريالاً والفول الأخضر من7 إلى 12 ريالاً، كما أن الأسرة أصبحت غير قادرة على تحمل الارتفاع المخيف في إيجارات المساكن، وهذا كما تقول يحد من الإنفاق على الاحتياجات الأخرى، وهو ما يؤثر سلباً في حركة النشاط الاقتصادي في البلد، حتى المدارس الخاصة ارتفعت رسومها بما نسبته 50 في المئة تقريباً، وكأن كل جهة تسابق غيرها لرفع السعر من ناحيتها لتعويض ما يأخذه الآخرون. وترى أن ارتفاع الأسعار في أسواق المملكة له آثار مدمرة على موازنة الأسرة ويضغط عليها، لأن كل المواد الخام ومعظم السلع مستوردة، مشيرة إلى أنها لا تتوقع عودة الأسعار للهبوط حتى في حال انخفاضها في الأسواق الخارجية. رقابة المساكن وتقول صاحبة مؤسسة عقار وتصميم الدار ندى عبدالكريم ذياب، إن من أكثر مسببات التضخم الحالي هو فقدان العملة السعودية قيمتها أي ضعف الريال بسبب ارتباطه بالدولار الأميركي. وفي ما يختص بالارتفاع الكبير في إيجارات المساكن تقول إن المغالاة في الإيجارات بدأت من لحظة زيادة رواتب موظفي الدولة وغيرهم، ما يعني انه مجرد جشع من الملاك وليس له مبرر آخر، مشيرة إلى أن العمليات الجارية لتشييد مباني جديدة غير كافية للحد من ارتفاع إيجارات المساكن. وتستبعد ذياب أي تأثيرات خارجية على مستويات إيجارات المساكن في السعودية، وتقول: «ألاحظ انه لا تأثير قوي من الخارج على قطاع المساكن ان لم يكن معدوماً، لأن المسيطر على الأسعار وارتفاعها وثباتها على الارتفاع هم ملاك العقار»، مشيرة إلى أن هذا يحدث في ظل هبوط اسعار العقارات وإيجاراتها في الخارج بأكثر من 40 في المئة». وبسؤالها عن الأسس التي بموجبها يتم تحديد مستوى الإيجارات، تقول إنها تشمل الموقع، المساحة، عمر المسكن ومميزاته، ولكنها لا ترى أسساً أو معايير وضعت لتحديد الإيجارات في المملكة من أي جهة، فمالك العقار يحدد السعر الذي يريده على هواه وبلا معايير محددة. وتقول ذياب إن سوق المساكن في المملكة ستظل على وضعها الحالي في ظل الجشع السائد، وفي ظل عدم وجود دور جدي لأي جهة تتبنى وضع الأسس لتحديد أسعار الإيجار وحماية المستأجر من الارتفاعات المتتالية التي يفرضها ملاك العقار عند تجديد عقد التأجير. ولحل هذه المعضلة تقترح البحث عن دور جدي لجهة مسؤولة تتولى مراقبة هذا القطاع، إلى جانب زيادة المعروض من المساكن، وتسهيل تملك المواطنين للعقار. ظاهرة عالمية وقال المدير العام لمجموعة العثيم عبدالله العثيم، إن ارتفاع الأسعار يعد ظاهرة عالمية لا تخلو منها أية دولة متقدمة أو نامية، والسعودية ليست استثناءً من هذه الظاهرة وإن كانت بشكل أقل حدة، وهذه الظاهرة كما يقول في جوهرها انعكاس للأزمة المالية العالمية لارتباطها بارتفاع أسعار المواد الأولية والسلع المستوردة وتكاليف النقل والشحن وتقلب أسعار العملات وغيرها. وأضاف أن هناك مضاربة بالسلع واحتكارها عالمياً إلى جانب انخفاض سعر صرف الدولار، فضلاً عن انخفاض كمية المخزون والمعروض العالمي من السلع، إلى جانب الكوارث الطبيعية في دول المنشأ مثل السيول والفيضانات والأمراض. وأوضح العثيم أن هناك أسباباً في السوق السعودية تلعب دوراً مؤثراً في ارتفاع الأسعار، ومن ذلك اهتمام عدد كبير من المستهلكين بشراء نوعية معينة من السلع في ظل وجود الكثير من السلع المشابهة والبديلة، ولدينا كما يقول الإقبال على الشراء أكثر من الحاجة الفعلية، وزيادة الطلب ونقص في المعروض، فضلاً عن ضعف المنشآت المتوسطة والصغيرة المنتجة للسلع الاستهلاكية. وبسؤاله عن هامش الربح المتعارف عليه في السوق السعودية لتاجر التجزئة، قال العثيم انه يتراوح ما بين 10 و20 في المئة وصافي 5 في المئة. وعن كيفية الحد من ارتفاع الأسعار أو التقليل من آثارها السالبة، قدم العثيم جملة من المقترحات من بينها ترشيد السلوك الاستهلاكي للمواطنين والمقيمين بزيادة التوعية الإعلامية للمستهلكين ليتكيفوا إيجابياً مع تقلبات الأسعار، تشجيع الصناعات الغذائية الداخلية من خلال توفير أراضٍ في المدن الصناعية في مناطق المملكة المختلفة، إلى جانب تشجيع الاستثمار السعودي في الدول ذات المقومات الجيدة في مجال الزراعة والتصنيع الغذائي وبخاصة القريبة من الأسواق السعودية، فضلاً عن الاهتمام بمتابعة توفير مخزون استراتيجي للمواد الأساسية وتشجيع ودعم رجال الأعمال على التنافس في خدمة المستهلك إلى جانب التعاون المستمر بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتوفير السلع الأساسية. آثار اجتماعية ووفقاً لمشاركين في استطلاع «الحياة»، فإن التضخم له آثار اجتماعية خطيرة، إذ ترى سلوى الخليفة أن ارتفاع الأسعار ترك آثاراً اجتماعية كبيرة على الأسرة السعودية والعلاقات الاجتماعية السائدة من خلال تأثيره في موازنة الأسرة. ووفقاً لدراسة أكاديمية تقول الخليفة إنها حصلت عليها، فقد تأثرت العلاقات الأسرية خصوصاً بين الوالدين والأبناء، إذ إن ما يعادل 35 في المئة من عينة الدراسة التحقوا بأكثر من وظيفة لسد العجز المادي، ما أدى إلى عدم وجودهم مع أبنائهم لفترات طويلة. ولاحظت الدراسة أن مشاركة الأسرة في الأنشطة التي تستوجب وجود الوالدين انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلى جانب الإهمال الذي يلاحظ على الأطفال، كما أدى ذلك إلى تأخير سن الزواج لدى الشباب لصعوبة ادخار تكاليف الزواج، فأصبحت زيادة الأسعار تعد عائقاً لتكوين الأسر. كما أن أكثر من 91 في المئة من الشباب أصبح يرغب في الزواج من فتاة عاملة، إلى جانب ارتفاع معدل السرقات وتنوعها. أما أم فيصل فترى أن أخطر التداعيات الاجتماعية جراء التضخم هو يأس الشباب وعدم قدرتهم على الزواج وتكوين أسرة، إلى جانب وقوع عدد من الأفراد في مصيدة الديون لسد الفجوة بين الطلب والقوة الشرائية. وعن الآثار الاجتماعية تقول عزة النفيعي إن هذه الحالة حدت من زواج الشباب الذين عليهم استئجار سكن وتأثيثه والاستعداد للإنفاق ومواجهة غول التضخم الذي يلتهم كل شيء. انخفاض متوقع وتوقع تركي الحقيل أن تخفّ الضغوط التضخمية بعض الشيء خلال العام الحالي نتيجة لانخفاض معدلات تضخم الإيجارات، علماً بأنّ معدّلات تضخم الأسعار المحلية للأغذية قد تظلّ مرتفعة نتيجةً لارتفاع الأسعار العالمية لهذه السلع. وقال: «نحن نتوقع أنْ يبلغ المتوسط السنوي لمعدلات التضخم العام في العام الحالي 5.1 في المئة، وهذا مستوى مرتفع من الناحية التاريخية. أما معدّل تضخم الأغذية (التي تمثّل ثلث سلة تكاليف المعيشة) فإنه قد يحوم في العام الحالي حول 6.9 في المئة. كما قد تنحسر الضغوط التضخمية التي تولّدها فئات التكاليف والخدمات الأخرى التي تمثل 14 في المئة من سلة مؤشّر التضخم. ونتوقع أن ينخفض معدّل تضخم الإيجارات وخدمات المرافق، الذي يمثّل خمس مؤشّر التضخم، من 9.5 في المئة في العام الماضي إلى 7.8 في المئة في عام 2011، ليواصل بذلك اتجاهه التنازلي الذي بدأ في منتصف عام 2008، بعدما بلغ الذروة وقدرها 20 في المئة تقريباً. ونظراً إلى النقص الكبير في معروض العقارات، فقد يتجاوز المعدّل الحقيقي لتضخم هذا المكوّن المستوى المتوقع. وعلى رغم ذلك لا يتوقع المواطنون أن تنخفض الأسعار التي وصلت إلى مستويات «خرافية» إلا بتدخل الجهات المسؤولة، لأن غيابها يشجع على المزيد من الجشع، ويشجع على استمرار هذا السباق لرفع الأسعار، وكأنما يسعى كل طرف لتعويض ما يدفعه للآخرين».