بدأ مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي أمس، جولة في أميركا اللاتينية تكتسب أهمية كبيرة لأنها تأتي على وقع تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ب «خيار عسكري» في فنزويلا. ووقفت دول أميركا اللاتينية بقوة في مواجهة تهديد ترامب، ما أهدى دعماً إقليمياً للرئيس اليساري نيكولاس مادورو الذي كان بلده على شفا عزلة نتيجة انتخاب جمعية تأسيسية لاقت انتقادات على اعتبار أنها تستهدف إحكام السيطرة على السلطة. وتستمر جولة بنس أسبوعاً وتهدف إلى تنسيق رد ديبلوماسي إقليمي على الأزمة السياسية في كراكاس، وهي تبدأ في كولومبيا، حليفة الولاياتالمتحدة التي تتلقى ملايين الدولارات سنوياً من واشنطن وتكن القليل من الود للرئيس الفنزويلي. والمحطات الأخرى هي الأرجنتين وتشيلي وبنما. وستهيمن على الجولة الأزمة في فنزويلا ونظرة «شركاء وأصدقاء» الولاياتالمتحدة «إلى المستقبل» في ما يتعلق بتلك الدولة، فيما لا يزال آخرون عالقين في «الماضي»، بحسب مسؤول بارز في الإدارة الأميركية. وقال المسؤول للصحافيين طالباً عدم نشر اسمه: «كنا حازمين في الأقوال والأفعال ضد نظام مادورو، ومن المهم أن نضم آخرين في المنطقة. الدول الأربع إلى جانبنا ولكن نريد مواصلة الضغط على نظام مادورو». وأضاف: «سنتحدث عن خيارات اقتصادية وخيارات ديبلوماسية، كل الأدوات المتوافرة. الأمر لا يتعلق فقط بممارسة الولاياتالمتحدة بالضغط على مادورو بل أن يتعرض للضغط من كافة الأطراف في المنطقة». لكن في أعقاب إعلان ترامب الجمعة أن «لدينا خيارات كثيرة لفنزويلا، بما في ذلك خيار عسكري ممكن إذا لزم الأمر»، أجمعت دول أميركا اللاتينية ومن بينها تلك التي وبخت كراكاس على «انتهاك الحكم الديموقراطي» على رفض استخدام أميركا القوة. ووجهت كل من البرازيل وتشيلي وكولومبياوالمكسيك والبيرو رسائل ترفض مثل تلك الخطوة. وبالنسبة إلى عدد كبير من دول أميركا اللاتينية، عادت ذكريات مريرة عن المغامرات العسكرية الأميركية السابقة في المنطقة إلى الأذهان، بما في ذلك غزو بنما عام 1989 للإطاحة برئيسها مانويل نورييغا، إضافة إلى دور وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) في عمليات دامية مع حركات تمرد وضدها، وإيصال واشنطن عسكريين طغاة إلى الحكم. وفرضت الولاياتالمتحدة عقوبات على مادورو في خطوة نادرة تستهدف رئيس دولة، و24 من مسؤوليه. وأتى فرض العقوبات على خلفية إنشاء مادورو الجمعية التأسيسية التي تضم موالين له تتجاوز صلاحياتها المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه المعارضة. والهيئة التي باشرت مهامها هذا الشهر بدأت تضييق الخناق على المنشقين والسياسيين المعارضين. وبعد تهديد ترامب بتحرك عسكري محتمل، صعد نظام مادورو اتهاماته للولايات المتحدة بالتخطيط مع المعارضة للإطاحة بالرئيس والسيطرة على احتياطي النفط الفنزويلي، أكبر احتياط نفطي في العالم. وقال وزير الخارجية خورخي أريازا في مؤتمر صحافي السبت إن «التهديد الوقح للرئيس دونالد ترامب يهدف إلى دفع أميركا الجنوبية والكاريبي إلى نزاع سيضر في شكل دائم بالاستقرار والسلام والأمن في منطقتنا». ورفض وزير الدفاع الجنرال فلاديمير بادرينو تصريحات ترامب ووصفها ب «الجنون». وأعرب الحلفاء اليساريون، بوليفيا وكوبا والإكوادور ونيكاراغوا، عن دعمهم لفنزويلا في مواجهة عدوها «الإمبريالي». ودانت دول أخرى في أميركا اللاتينية ترفض بشدة الخطوة السياسية لفنزويلا، احتمال نشر قوات أميركية لتنفيذ رغبة واشنطن. وأعلنت وزارة الخارجية البرازيلية في بيان أن «نبذ العنف وأي خيار يتعلق باستخدام القوة، حازم ويمثل أساساً للتعايش الديموقراطي، في سياقه الداخلي وكذلك في العلاقات الدولية». وكتب وزير خارجية المكسيك لويس فيديغاري في تغريدة أن «الأزمة في فنزويلا لا يمكن حلها بتحركات عسكرية، في الداخل أو الخارج».