خيمت أجواء الحزن والصدمة على الوسط الفني الخليجي والعربي برحيل الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا، أحد أبرز الأسماء الفنية الخليجية شهرة وتأثيراً، إذ بقي لعقود أيقونة الدراما الخليجية الفنية والمسرحية لا يشق لها غبار عبر تاريخ طويل على خشبات المسارح والشاشات. تحتفظ ذاكرة الناس بعشرات اللقطات والمواقف التي تجلت فيها موهبة عبدالرضا الفنية وهو ينتزع ابتسامة الجمهور من وسط قسوة الواقع، ويُمتعه بقفشاته الذكية، متعالياً على كل ركام الاختلافات والوجع العربي الذي لا يزال سائداً المشهد. يتنافس أبناء الوسط الفني والصحافي اليوم على تقليد الراحل ما يليق به من ألقاب يمكن أن تختصر مسافة طويلة ومشواراً كبيراً وزاخراً من الأعمال الفنية والمسرحية التي قدمها: «هرم الفن»، «أسطورة المسرح»، «آخر من بقي من زمن العمالقة»، وسوى ذلك من ألقاب تحيّي تجربته وترسّخها في سجل التميّز. بكى عشرات الفنانين عبر وسائل التواصل الاجتماعي رحيل عبدالحسين عبدالرضا في أحد مستشفيات لندن عن 78 عاماً، أمضى ثلثيها في الوسط الفني من دون توقف ولا كلل ولا ملل. الفنان السعودي ناصر القصبي كان آخر من رافقه في عمل فني في رمضان الماضي، كتب: «أعزي نفسي بوفاة الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا. وداعاً أيها العظيم، غيابك أيها المعلم لا يملأه أحد». عبدالرضا واحد من مؤسسي الحركة الفنية في منطقة الخليج ورمز من رموزها البارزة، إلى جانب ثلة من الأسماء، سبقه أكثرهم إلى مفارقة الحياة. تعود بداياته الفنية إلى ستينات القرن الماضي حين ظهر في أول عمل مسرحي باللغة العربية الفصحى بعنوان «صقر قريش» عام 1961. شارك في تأسيس «فرقة المسرح العربي» عام 1961، وفرقة «المسرح الوطني» عام 1976، وأسس فرقة «مسرح الفنون» عام 1979. قدم للمسرح نحو 33 مسرحية أشهرها «باي باي لندن» و «بني صامت» و «على هامان يا فرعون» و «سيف العرب»، وكتب أيضاً بعض الأعمال المسرحية التي مثل فيها، وأسس عام 1989 شركة «مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع». في التلفزيون، شارك في أكثر من 30 مسلسلاً، من بينها «درب الزلق» و «الأقدار» الذي كتبه بنفسه، وكان آخر ظهور له في مسلسل «سيلفي 3» عام 2017. حمل عبدالرضا هموم العالم العربي، واشتهر بنقده اللاذع الظروف السياسية القائمة، ساعده في ذلك المناخ المنفتح الذي تعيشه الحالة الفنية في الكويت. وفي مطلع التسعينات، أدى أغنية مهداة إلى الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش بعد طرد القوات العراقية من الكويت. عبدالرضا المولود في الكويت في 15 تموز (يوليو) 1939 أسس قناة «فنون» عام 2006، وهي تشكل استمراراً لنهجه الفني والمسرحي، ورحل في ساعة متقدّمة من ليل الجمعة في أحد مستشفيات لندن، بعد إصابته بجلطة أثناء وجوده في العاصمة البريطانية للعلاج.