بدأ احتمال إجراء مفاوضات جديدة حول مصير أوكرانيا المهددة بالتقسيم إثر تأييد سكان منطقتي دونيتسك ولوغانسك الاستقلال عن كييف، يرتسم برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعدما قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «خريطة طريق» اقترحتها لإنهاء الأزمة. وأعلنت المنظمة في فيينا، أن الرئيس بوتين أبلغ رئيسها السويسري ديدييه بوركهالتر في مكالمة هاتفية «دعمه» وساطتها في الأزمة، فيما أكد الكرملين في بيان انه يدعم جهود المنظمة لإجراء «حوار مباشر بين سلطات كييف وممثلين عن مناطق جنوب شرقي أوكرانيا». وأضافت المنظمة أن «موافقة بوتين تعني تلقي الخطة التي تحدد نهجاً براغماتياً للانتقال من منطق التصعيد إلى منطق التعاون وتعزيز الاستقرار على الأرض، ردوداً إيجابية حتى الآن من روسياوأوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة». وأوضحت أن «الخريطة تتمحور حول عدم اللجوء إلى العنف، ونزع السلاح والحوار الوطني وإجراء انتخابات، ونحن نريد دعم الحكومة الأوكرانية في توفير مناخ ملائم لإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في أنحاء البلاد في 25 الشهر الجاري». وخلال زيارته كييف أمس، لم يتطرق وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى نتائج الجهود التي يبذلها الأوروبيون ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية لعقد «طاولة مستديرة» تضم كل أطراف الأزمة بإدارة الديبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ إيشينغر، لكنه أكد بعد لقائه رئيس الوزراء الأوكراني آرسيني ياتسينيوك، أن «الدول الأوروبية تدعم خطة إجراء حوار وطني بقيادة أوكرانية، مع الأمل بأن يوفر ذلك شروط التقدم خطوة نحو استعادة الأراضي المحتلة، ونزع أسلحة المجموعات المسلحة تدريجاً، وإعادة بسط سلطة الدولة». وامتنعت كييف عن توضيح الجماعات التي ستنضم إلى المحادثات، ولكن الرئيس الموقت أولكسندر تورتشينوف قال إن «الإرهابيين (متمردي شرق أوكرانيا) لا يمكن أن يشاركوا في المحادثات، لذا ستتواصل عملية مكافحة الإرهاب في الشرق» الجارية منذ 2 الشهر الجاري، وشهدت ليل الثلثاء معارك في سلافيانسك، معقل الانفصاليين في منطقة دونيتسك. إلى ذلك، شدد شتاينماير على «الدور الحاسم» للانتخابات الرئاسية المقررة في أوكرانيا في 25 ايار (مايو) المقبل، والتي يرفضها الانفصاليون الموالون للروس في الشرق، وقال: «الأولوية هي لجعل أكبر عدد من الناخبين يشاركون في الانتخابات الرئاسية، فيما يبقى الوضع خطراً جداً شرق أوكرانيا»، علماً بأنه توجه إلى أوديسا (جنوب)، المدينة الساحلية التي شهدت أعمال عنف أوقعت عشرات القتلى في 2 الشهر الجاري. في نيويورك، حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، جميع من سعى إلى تقويض وحدة أوكرانيا واستقرارها إلى الكف فوراً عن ذلك، ودعا إلى إيجاد طريق للعودة إلى روح التوافق التي تمثلت في إبرام اتفاق جنيف في 17 نيسان (أبريل) الماضي وتنفيذ بنوده، معتبراً أنه ما زال هناك وقت للحيلولة دون الانزلاق إلى صراع شامل. وتطرق إلى الوضع في أوكرانيا خصوصاً جنوب شرقي البلاد قائلاً: «على مدى الأسابيع الماضية، كان هناك كثير من العنف والقليل من الحوار، لذا أدعو سلطات كييف إلى الرد على أعمال العنف بأقصى درجات ضبط النفس، وضمن حدود القانون الأوكراني والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان». وناشد بان جميع المواطنين الأوكرانيين التعبير عن مظالمهم وتطلعاتهم بطريقة سلمية، وبينها الإدلاء بأصواتهم في انتخابات 25 الجاري. واللافت نشر محطة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية استطلاعاً جديداً للرأي أجراه مركز «كومريز» بلندن، أظهر تفضيل غالبية الأوكرانيين الاندماج بالاتحاد الأوروبي على الانضمام إلى روسيا، وذلك حتى في المناطق الشرقية التي أيدت «الاستقلال». وأفاد الاستطلاع بأن أكثر من ثلثي الأوكرانيين المستفتين (نحو 67 في المئة) أيدوا العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة ودول أوروبية وغربية أخرى على روسيا، بينما عارض أقل من الثلث (29 في المئة) العقوبات. وأشار الاستطلاع إلى أن نحو 56 في المئة من المستفتين لديهم شعور قوي بالانتماء إلى أوروبا أكثر من روسيا، فيما أبدى 37 في المئة من المستفتين في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخاركيف الشرقية رغبتهم في الانضمام لأوروبا، واعتبر 49 في المئة منهم أن الأفضل لأوكرانيا هو عدم الانضمام إلى أي من الطرفين. كما رأى المستفتون أن الرئيس الروسي بوتين «زعيم خطير وقوي»، واعتبروا الرئيس الأميركي باراك أوباما «شخصاً ودوداً». على صعيد آخر، كررت واشنطن معارضتها بيع فرنسا سفينتين حربيتين من طراز «ميسترال» إلى روسيا، فيما أبلغ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نظيره الأميركي جون كيري، ان هذا العقد سيُجمد في حال فرض عقوبات جديدة على موسكو. ووصفت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي صفقة سفن ميسترال بين باريس وموسكو ب «غير البناءة». وكانت فرنساوروسيا وقعتا عام 2011 عقداً قيمته 1.2 بليون يورو لشراء سفينتي «ميسترال» تسلم الأولى في تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، والثانية العام المقبل، علماً بأن السفينة تستطيع حمل مروحيات ودبابات. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند صرح السبت الماضي بأن هذا العقد «لا يزال قائماً حتى اللحظة».