يبدو أن الخيارات الفنية بدأت تتقلص أمام كاظم الساهر، فالفنان الذي أطرب العالم وهو يردد «أعتّق الحب في قلبي وأعصره... فأرشف الهم في مغبر كاساتي»، هو نفسه الذي تجبر الفضائيات أمام قلة محتواها على إعادة بث أغنيته التي يقول فيها «حبيبتي مرت على بالي اليوم وقفت لها احترام يوم مرت»! فالأغنية التي كتب نصها فزاع ولحنها فايز السعيد الذي نجح في الوقت نفسه في تسجيل أغنية يقول مطلعها: «يا ويله طاح في ورطه... ببلغ عنه الشرطة»، لا يملك أمامها المستمع سوى أن يقتنع بأن كاظم الساهر بات غير مهتم بقيمة الأعمال التي يقدمها في تغييب لرأي جمهور كثيراً ما أكد الساهر إصراره على احترامه. اليوم في وقت يغلب فيه المنطق التجاري على قيمة الأعمال الفنية المقدمة باتت الألحان التي يقدمها فنان مثل فايز السعيد رغم ضعفها وبنائها على نص مضحك في كثير من الأحيان وجهة لكثير من الفنانين الخليجيين على وجه الخصوص، لكن الساهر، وفي رأيي، كان إلى فترة قريبة واحداً من القلائل المهددين بخطر دخول قائمة الفنانين «السعيديين»، أو المتعاونين مع فايز السعيد إلا إن ثبت العكس. التنازل الذي قدمه الساهر بقبول أغنية «حبيبتي» لحناً ونصاً يأتي مخجلاً، خصوصاً أنه هو من رفض قبل خمسة أعوام تقريباً فرصة المشاركة كأول فنان عربي في مهرجان «الجنادرية» السعودي، مرجعاً الأسباب إلى إصراره على تقديم مقطعه الخاص بألحانه الأمر الذي لم يكن ممكناً في ظل أن محمد عبده هو من لحن الأوبريت، هذا الرفض تقبلته بعض الأوساط بحجة أن الساهر قدم كافة أعماله بألحانه الخاصة وسط نجاح كبير لعدد من الأعمال البارزة في مسيرته. الصورة تتغير اليوم لتكشف الوجه التجاري للأعمال التي يبحث الساهر عن تقديمها، ما تجلى في ألبومه الأخير «دلع النساء».«طوق الياسمين»، «أنا وليلي»، «مدرسة الحب»، أسماء لأغانٍ حفظها التاريخ تشترك في اسم الملحن وهو الحال نفسه مع «مشاكل» و«الشرطة» و«حبيبتي»، بهذه الطريقة الطبيعية سيرتبط اسم الساهر طوال مسيرته بفايز السعيد رغم الفوارق الفنية. [email protected]