تجاوز سعر نفط «برنت» بحر الشمال 100 دولار للبرميل، وسط معطيات عن احتمال مواصلة ارتفاع الاسعار الى مستويات اعلى في المستقبل المنظور نتيجة الزيادة الكبيرة في الطلب على النفط، بدءاً من الخريف الماضي، مع توقع استمرار هذا المنحى خلال العام الجاري، اضافة الى المتغيرات السياسية الكبرى في الوطن العربي التي تلقي بظلالها على أسواق النفط. ومن المؤشرات المهمة الى تغير الاسواق، ما نشرته دورية منظمة «اوبك» الشهرية «اوبك بوليتن» في عددها الاخير حول زيادة انتاج الأقطار الاعضاء في المنظمة بنحو 400 ألف برميل يومياً الى معدل 29,72 مليون برميل يومياً في كانون الثاني (يناير) الماضي، مع ارتفاع سعر نفط «برنت» فوق مستوى 100 دولار. ومستوى الانتاج هذا هو الاعلى لدول المنظمة منذ كانون الاول (ديسمبر) 2008. وأعلنت ادارة معلومات الطاقة الاميركية في هذا الصدد، ان توقعاتها تشير الى ازدياد الطلب على النفط في العام الجاري فوق معدل 90 مليون برميل يومياً في الفصل الرابع، وهو رقم قياسي. كما حذر مفوض الطاقة في السوق الاوروبية المشتركة من الانعكاسات السلبية على مسيرة تعافي الاقتصاد الاوروبي في حال استمرار اسعار النفط فوق مستوى 100 دولار. لقد ارتفع الطلب على النفط عموماً في عام 2010، ما ادى الى ارتفاع الاسعار تدريجاً الى نحو 85 - 90 دولاراً بدلاً من 75 - 85 دولاراً. ويعزى ارتفاع الأسعار، الذي بدأ في ايلول (سبتمبر) الماضي، الى الانتعاش الاقتصادي غير المتوقع في الدول الصناعية الغربية والنمو الاقتصادي المستدام في الدول الآسيوية الناشئة. وساعدت انتفاضة الشباب في مصر، وتخوف الاسواق من اغلاق قناة السويس وخط «سوميد»، في استمرار ارتفاع الاسعار أخيراً. لكن على رغم مضي اكثر من اسبوعين على الانتفاضة المصرية، لا يوجد اي مؤشر على استهداف هذه المرافق. فتدفق النفط من خلالهما يستمر طبيعياً حتى الآن. وعلى رغم التعليقات اليومية حول خطورة اغلاق القناة، فالحقيقة هي ان معدل ما يعبر القناة هو نحو 1,8 مليون برميل يومياً، وتقريباً الكمية ذاتها من النفط الخام عبر خط «سوميد»، بينما تشير معلومات الى توافر عدد واف من الناقلات تستطيع شحن نحو 4 - 5 ملايين برميل يومياً من النفط الخام في حال اغلاق القناة، والاضطرار الى الإبحار في الطريق الطويل من الخليج العربي الى اوروبا حول افريقيا. من ثم، فما دام الانتاج مستمراً على مستوياته العالية، سيجد النفط طريقه الى الاسواق، لكن مع ازدياد سعر الشحن طبعاً، ومن ثم الاسعار. ماذا عن الاشهر المقبلة من العام الجاري؟ تشير المعطيات المذكورة اعلاه الى زيادة كبيرة في الطلب، ومن ثم توقع استمرار ارتفاع الاسعار، بل تخطيها المستويات الحالية. كذلك، فإن الانتفاضات العربية ستؤثر في اسواق النفط العالمية وستبقى الاسواق حذرة ومترقبة لمتغيرات سياسية جديدة في المنطقة، على ضوء ما حدث في تونس ومصر. وهذا طبعاً عامل اضافي وجديد سيؤدي بدوره الى استمرار ارتفاع الاسعار. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة