فرقة «الشاهين» واحدة من الفرق الموسيقية القليلة التي لم تتأثر كثيراً بما أصاب الفرق الشعبية الأخرى في بغداد وبقية مدن العراق من بطالة، فهي تعمل في منطقة الزبير موطن الفرق الموسيقية التي تتميز باللون البحري الخليجي وهو لون شائع في تلك البقعة من مدينة البصرة. الفرقة التي تأسست قبل 14 عاماً في منطقة تكاد تكون منفصلة عن البصرة في ذائقتها الفنية. وهي بعيدة من سيطرة الأحزاب الدينية التي أغلقت بعض مكاتب الفرق في بغداد ومدن عراقية أخرى، وأتيحت لها الفرصة للاستمرار لسنوات حصلت من خلالها على شهرة واسعة من دون التأثر بالأحداث. مؤسس الفرقة مشاري الشاهين، وهو شاب يتحدر من أسرة تحترف الفن منذ سنوات طويلة، أخذ حب الفن الشعبي عن والده وأشقائه الذين احترفوا العمل في الفرق الشعبية البصرية ذات الطابع الفني الخاص وهو أكبر عضو فيها، جمع مجموعة من أصدقائه وضمهم الى العمل معه. تضم الفرقة التي يرتدي أعضاؤها الزي العربي الخليجي13 عازفاً ومطربين اثنين، جميعهم من منطقة الزبير التي تشتهر بالفن البحري والرقصات التي تتفرد بها عن بقية مناطق العراق. يقول حسن قحطان عازف الإيقاع في الفرقة ل «الحياة» إن اللون الذي تتميز به الفرقة يجعلها تحصد شهرة واسعة في عموم العراق. حتى أنها أحيت أمسيات وجلسات خاصة مع نجمي عرب ايدل عمار الكوفي وهمام إبراهيم في أربيل في عيد الفطر. ويضيف: «نحيي الحفلات في بغدادوالبصرة ومدن أخرى وساعدتنا هيأتنا الخارجية والزي العربي الذي نرتديه ولون البشرة الأسمر للعازفين في نيل الشهرة، فضلاً عن صفحتنا على الفايسبوك التي زادت من عدد متابعينا». تعلم قحطان عزف الإيقاع بطريقة غريبة، فهو لم يدرسه بل كان يجلس خلف الفرق الموسيقية التي تحيي الحفلات في البصرة وينصت الى عازف الإيقاع قبل أن يقرر شراء إيقاع خاص به والتمرن عليه ثم الانضمام الى فرقة «الشاهين» التي استغرب أفرادها طريقة إتقانه الإيقاع، على رغم عدم رؤيته وهو يعزف قبل تاريخ دخوله الفرقة. ويقول: «كانوا يضربونني في بعض الأحيان لإصراري على الجلوس خلف الفرقة وحينما اشتريت إيقاعاً أدخلته المنزل داخل كيس نفايات أسود وأخفيته في المخزن فوق السطح، وكنت أعزف عليه سراً حينما يخلو المكان وأضع وسادة خاصة خلفه كي لا يتسرب العزف الى آذان العائلة والجيران فيكتشف أمري». لا يجمع العازفون الآخرون في فرقة مشاري الشاهين تناقضات موسيقية مثل تلك التي تجتمع عند قحطان. فالشاهين يعزف في الفرقة العسكرية والفرقة السمفونية العراقية في الوقت ذاته كعازف بركشن، فيما تخرج في كلية الفنون الجميلة كعازف عود أتقن الآلة قبل دراستها. وهو يتمسك بالفرقة لأنها تضمه مع أصدقائه وتتميز بلونها الجميل الذي يجمع بين التراث والفن الشعبي واللون البحري.