توقفت أوساط سياسية أمام قول الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمته المتلفزة أول من أمس عما يتحدث في شأنه «بعض وسائل الإعلام عن مساعدة أميركية أو غير أميركية»: «أنا رأيي مسبقاً وأحب أن أقوله من الآن. هذه إهانة للجيش اللبناني، إذا كان الجيش اللبناني يحتاج إلى مساعدة أميركية كي يحرر 141 كيلومتراً مربعاً، الجيش اللبناني الوطني الكبير الكفؤ الشجاع الذي يملك كل شروط الإنجاز والانتصار، فهذه كارثة». وكان نصرالله استشهد في سياق موقفه هذا من الحديث عن المساعدة الأميركية، بكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق في الليلة التي سبقت خلال حديث تلفزيوني الذي قال فيه إن «الجيش اللبناني لديه قيادة شجاعة وجدية»، كاشفاً عن «أنها أبلغت القيادات السياسية بقدرتها وجاهزيتها للقيام بمعركة جرود عرسال، لكن بكلفة بشرية عالية، لكن القيادات السياسية تردّدت بتكليف الجيش بهذه المهمة». واستدل نصر الله من كلام المشنوق على أن الجيش كان قادراً منذ البداية حتى في المعركة السابقة مع «النصرة» في جرود عرسال، «لكن المشكلة في القرار السياسي». إلا أن المشنوق أشار في حديثه التلفزيوني، إلى أن «هناك تنسيقاً موجوداً بين الجيشين منذ سنوات، حيث هناك ضابط لبناني مولج بالتواصل مع الجيش السوري. كما أشار إلى أن «المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مكلف من الرؤساء الثلاثة بالتواصل مع الجانب السوري، وهذا دور يقوم به منذ سنوات منذ عام 2011». ونقل المشنوق عن «مرجع عسكري كبير أنّ عدد مقاتلي جرود عرسال كانوا بين 500 و600، وما جرى جزء من تسوية إقليمية أكثر مما هو معركة، وعدد مقاتلي داعش الذين بقوا في جرود رأس بعلبك والقاع يقارب ال400». وكانت أثيرت في اليومين الماضيين معلومات في بعض وسائل الإعلام عن أن لبنان قد يتلقى مساعدة من التحالف الدولي في المعركة التي سيخوضها الجيش ضد «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، والتي قال نصر الله إن الجيش سيخوضها في الجزء اللبناني وأن الجيش السوري و»حزب الله» سيخوضانها من الأراضي السورية، داعياً مرة أخرى السلطة اللبنانية إلى التنسيق مع الجانب السوري. وفي رأي أوساط مراقبة أن النقاش في شأن الجهة التي ستساعد الجيش اللبناني في المعركة ضد «داعش» يدل على أن هناك تنافساً كما في الميدان السوري، حول من يكسب من وراء التخلص من «داعش» والبؤر الإرهابية، بحيث أن من تكون له اليد الطولى في كسب المعركة يعزز موقعه السياسي في مرحلة ما بعد انتهائها. وهذا ينطبق على «حزب الله» ومن ورائه إيران في سورية، وكذلك في لبنان. وترد هذه الأوساط فتح المعركة في جرود القلمون الغربي حيث كان مسلحو «النصرة» قبل انسحابهم وحيث ينتشر مسلحو «داعش» الآن، إلى توجه لدى إيران والحزب لتثبيت منطقة نفوذ لهما، في مواجهة الضغوط الأميركية من أجل انسحاب إيران والحزب من الميدان السوري، الذي هو أحد ركائز سياسة دونالد ترامب، بموازاة إعطائه أولوية لضرب «داعش». وتسأل الأوساط نفسها في هذا السياق: هل نشهد تنافساً في المعركة ضد «داعش» بين الأميركيين من جهة وإيران و «حزب الله» من جهة ثانية، على مساعدة الجيش اللبناني؟ مصادر عسكرية لبنانية قالت ل «الحياة» عند الاستفسار منها عن حقيقة ما يقال عن دعم للجيش بالطيران من قبل التحالف الغربي، إن «لا معطيات في هذا الشأن لديها». وأشارت إلى أن «قيادة الجيش تتحدث دائما مع الجانب الأميركي عن الدعم الذي يحتاج إليه الجيش لكن لم يتم البحث معهم في مساعدة الطيران». وأوضحت المصادر العسكرية نفسها أن ما يطلبه الجيش من ذخائر وأسلحة جديدة يتجاوب معه الأميركيون ويقومون بتلبيته بسرعة من أجل تمكين الجيش من خوض المعركة». ويتقاطع كلام المصادر العسكرية مع معلومات سبق ل «الحياة» أن نشرتها عن أن الجيش تلقى من الجانب الأميركي مدافع وقاذفات وذخيرة صواريخ فائقة الدقة والفعالية التدميرية من أجل دك تحصينات «داعش» بالقصف اليومي الذي يقوم به لمواقع التنظيم ويؤدي إلى خسائر مهمة في تحصينات مسلحيه ومخابئه في الجرود ومغاورها، عبر استخدام القوة النارية الجديدة التي توفرها هذه المساعدات للجيش. وذكرت المعلومات أن طائرات نقل أميركية تتولى نقل هذه المعدات العسكرية الجديدة منذ مدة على قدم وساق. كما أن الجانب الأميركي يزود الجيش بالمعلومات عن تحرك المسلحين. وتضيف مصادر سياسية واسعة الاطلاع ل «الحياة» على ذلك قولها إنه مع بدء المعركة التي أطلقها «حزب الله» في جرود عرسال أبدت دول غربية تقدِّم مساعدات للجيش، من بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا، استياءها من أن يخوض الحزب المعركة ضد المواقع الإرهابية في الجرود، وأن ممثلي هذه الدول اعتبروا أنهم يساعدون الجيش كي يتولى المهمة وليس الحزب. وذكرت المصادر أن ممثلي هذه الدول تبلغوا بأن الجيش اللبناني سيخوض المعركة ضد «داعش»، ويتحضر لحسمها قريباً. ما جعل الجانب الأميركي يزيد من مساعداته.