اتفق وفدان ليبيان عن مصراتة وبرقة، بعد اجتماعهما في القاهرة على مدى ثلاثة أيام وبرعاية مصرية، على «خارطة عمل» وفق جدول زمني وآلية للقاءات القادمة بهدف الوصول إلى مصالحة حقيقية تعزز سبل العيش المشترك بين مكونات الشعب الليبي وتنهي حالة الاستقطاب وتعيد لليبيا لحمتها الاجتماعية. وكشف أعضاء في الوفدين عن الاتفاق بينهما على تشكيل «لجان نوعية» تتعامل مع كل الملفات المثيرة للحساسيات بين مختلف الأطياف الليبية. وأكد أعضاء في الوفدين أن الاجتماعات جرت وسط أجواء إيجابية. وكانت القاهرة استضافت الوفدين الليبيين في إطار جهودها المستمرة في إنهاء حالة الانقسام وترسيخ المصالحة الوطنية في ليبيا، برعاية اللجنة المصرية المعنية بليبيا برئاسة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمود حجازي. وأوضح بيان للجنة أن اللقاءات والمشاورات جرت بشكل منفرد مع كل وفد على حدة، ثم بشكل مشترك مع ممثلين عن الوفدين ومن دون شروط مسبقة . وأشار البيان إلى أن «النقاش تناول سبل تحقيق المصالحة الهواجس الموجودة لدى كل طرف وأساليب معالجتها، واتفق المشاركون على خارطة عمل تكون خطوتها الأولى عودة الوفدين لإطلاع قواعدهما الاجتماعية على مجريات المشاورات الحالية والمقترحات». وشدد البيان على أهمية الأخذ بعين الاعتبار «سبل معالجة الهواجس والمطالبات الحقيقية والجدية المطروحة من الجانبين وبما يضمن نجاح الخطوات التالية، وأن يتم ذلك وفق جدول زمني وآلية للقاءات القادمة، بهدف الوصول لمصالحة حقيقية تعزز سبل العيش المشترك بين مكونات الشعب الليبي وتنهي حالة الاستقطاب وتعيد لليبيا لحمتها الاجتماعية». وحسب البيان فقد أبرزت المناقشات وجود توافق بين جميع الحاضرين على مجموعة من الثوابت، أبرزها «تأكيد وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها وسلامتها والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي الليبي وتأكيد حرمة الدم الليبي وتعزيز المصالحة الوطنية، العمل على إعادة بناء الدولة الليبية ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها ورفض وإدانة أشكال التدخل الأجنبي كافة في الشأن الليبي ومكافحة أشكال التطرف والإرهاب كافة، الالتزام بإقامة دولة مدنية ديموقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمي للسلطة والتوافق وقبول الآخر، ورفض أشكال التهميش والإقصاء كافة لأي طرف من الأطراف الليبية، وتهيئة المناخ المناسب للتهدئة عبر المنابر ووسائل الإعلام، ووقف حملات التأجيج والفتنة وصولاً إلى مصالحة وطنية حقيقية». وأشار البيان إلى أن المشاورات بين الوفدين تناولت عدداً من القضايا التي يتعين معالجتها لإنجاز المصالحة المنشودة، أبرزها «نبذ ومكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة وجماعات الجريمة المنظمة والميليشيات الخارجة عن القانون كافة، وتثبيت سلطة الدولة، وتسليم المطلوبين للعدالة في كل المدن الليبية، وإدانة صور الإرهاب وأشكاله كافة أينما وجد، وتأكيد دعم الجهود التي تمت لمكافحة الإرهاب بالمدن الليبية كافة، وبحث سبل إيجاد آلية للتعويض عن الأضرار التي لحقت من جراء هذه الأعمال». وقال عضو المجلس الأعلى للدولة عضو وفد مصراتة في مفاوضات القاهرة أبو القاسم قزيط في تصريحات صحافية: «لاحظنا في إخوتنا أهل برقة رحابة الصدر وسعة الأفق وإعلاء المصلحة الوطنية، وعزماً لا يلين على الصلح». وأشاد قزيط برعاية اللجنة المصرية لقاء وفدي برقة ومصراتة في القاهرة، وقال إنها «في مستوى التوقعات وقامت بجهد مشكور للتوفيق بين وجهات النظر»، مشيراً إلى «وجود الكثير من المعوقات، والأحكام المسبقة الخاطئة بين الطرفين، لكن هناك تصميم كبير على المصالحة، وإعادة اللحمة إلى النسيج الاجتماعي». وقال قزيط إن «الطرفين مقتنعان بالقواسم المشتركة، وإن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا» مؤكداً أن الميدان الوحيد لتصفيتها هو الحوار المباشر. وناشد الجميع في برقة ومصراتة دعم هذا المسار لإنهاء حالة الصراع، والتعاون معاً لبناء دولة ليبيا الواحدة الواعدة.