أتت الأمطار والسيول- التي ضربت جدة أخيراً - على المرافق السياحية، وخبت تلك المهرجانات التي تميزت بأَلقها وعشاقها، إذ تسببت كارثة الأربعاء الأسود بحرمانهم منها. ويرى كثيرون أن توقف المهرجانات شكل من أشكال «المواساة» للمدينة الغريقة وسكانها، في حين يرى آخرون أن توقف المهرجانات يزيد الخسائر«خسارة»، خصوصاً إذا ما علمنا أن جدة ستمضي أولى إجازات الربيع منذ سنين دون مهرجان. وكشف المدير التنفيذي لجهاز السياحة والآثار في منطقة مكةالمكرمة محمد العمري عن تأجيل جميع فعاليات المهرجانات التي كان من المقرر تنظيمها خلال إجازة الربيع في جدة، وتم تأجيلها إلى وقت لم يحدد بعد. وأوضح أن الموسم السياحي في جدة تأثر بشكل سلبي بالأمطار والسيول وما تبعها من آثار لحقت بمحافظة جدة. وأشار إلى أن تأثر الموسم السياحي في جدة، ناجم عن عاملين نفسي ومادي، إذ إن السائح يختار المكان الذي يرغب بالذهاب إليه وفق هذين العاملين، مؤكداً أن قطاعات وخدمات سياحية عدة لم تتأثر كالفنادق والوحدات السكنية المفروشة. وذكر العمري أن نسب إشغال الفنادق والشقق المفروشة في جدة بلغت 90 في المئة وفق البيانات المتوافرة لدى هيئة السياحة والآثار في جدة. ولفت إلى أن هذا الإشغال الكبير للشقق المفروشة من متضرري سيول جدة أدى إلى تقليص فرص الحصول على وحدات سكنية أمام السائحين، متوقعاً أن تنخفض مداخيل جدة السياحية في موسم الربيع بما لا يقل عن 25 في المئة. وقلل العمري من تأثر جدة بما لحقها اقتصادياً، وعزا ذلك لكون جدة مدينة مكتظة بالسكان «والقوة الشرائية في جدة كبيرة». في سياق متصل، أكد عضو اللجنة الوطنية للسياحة، عضو اللجنة الخليجية للسياحة إبراهيم الراشد أن المرافق السياحية والترفيهية منيت بخسائر كبيرة، نظراً لعزوف السياح عن الذهاب لجدة، إضافة إلى انشغال أهالي جدة بمداواة ما لحق بهم جراء السيول، ما أدى إلى انكماش الحركة السياحية في عروس البحر الأحمر. وقدر الراشد خسائر هذا الموسم السياحي في جدة بمئات الملايين، مؤكداً أن قطاعات سياحية عدة انخفضت نسب الإشغال فيها، إذ بلغت نسب الإشغال للشاليهات والمدن الترفيهية 20 في المئة، مقارنة بالمعدل المعتاد، الذي كان لا يقل عن 50 في المئة في مثل هذه المواسم. وألمح إلى أن جدة فقدت «نصيب الأسد» الذي طالما حظيت به من السياح في المملكة، مضيفاً: «وجهة غالبية السياح في المملكة وفقاً للمؤشرات الأولية للجنة الوطنية للسياحة، تصب نحو المنطقة الشرقية». وزاد: «إن المنطقة الشرقية تواجه ضغوطاً كبيرة في الخدمات السياحية المختلفة، نظراً للإقبال المرتفع للسائحين عليها»، مرجحاً أن يستمر تأثر جدة بما لحق بها من سيول وأضرار إلى فترة الصيف المقبل. وعزا الراشد هذا الامتداد في التأثر لكون الصورة التي خلفتها أمطار جدة الأولى والثانية رسخت صورة نمطية في أذهان السياح أدت لعزوف الكثير منهم عن القدوم لجدة. وتوقع أن تنخفض إيرادات الصيف المقبل بما لا يقل عن 20 في المئة عن الصيف الماضي، موضحاً أن الصيف الماضي شهد انخفاضاً بالنسبة ذاتها، ما يعني أن إيرادات الصيف ما قبل عام 2009 ستبقى الأعلى. من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحيم ساعاتي أن جدة احتلت المركز الأول سياحيا خلال الفترة الماضية على مستوى المملكة، مشيراً إلى أن ما حدث لجدة والمناطق المتضررة، أدى للتأثير سلباً على السياح، خصوصاً في وجود توقعات بهطول أمطار غزيرة خلال الأيام المقبلة على جدة.