في حوار مع «الحياة» تحدث الرئيس المكلّف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي، بود وحضارية عن الرئيس سعد الحريري، على رغم ان الأخير ربط، خطأ، بين سقوط حكومته وتكليف ميقاتي، وقابله بتجهم، مع ان الرئيس المكلف لا شأن له بإخفاق سعد الحريري ولم يسع الى هذا التكليف، ناهيك عن أن سعد، بهذا الموقف غير السياسي، أراد القول إنه قَدَر الأمة في لبنان في هذه المرحلة، وأن قبول ميقاتي المنصب محاولة لشقّ السنّة، وهذا التفكير لم يعد مقبولاً محلياً وإقليمياً، فالسنّة أمّة وفيها زعامات مهمة ويصعب اليوم تكرار خطأ الحصرية والاقصاء اللذين مارسهما الرئيس الراحل رفيق الحريري. معالجة تداعيات القرار الاتهامي على لبنان ليست في يد رئيس الوزراء، هي في إطار حوار وطني وبغطاء عربي وإجماع لبناني، وميقاتي لم يخترع طاولة الحوار. لهذا فإن تعطيل جهود ميقاتي بهذا الملف، ضد المصلحة الوطنية واستقرار البلد. ميقاتي يسعى الى تشكيل حكومة عمل وطني تتولى انتشال لبنان من الجمود وتنهض بالخدمات، وتنهي التعيينات في الوظائف الشاغرة التي لا يجوز ان تستمر خالية كل هذا الوقت، وتحريك الإصلاح الإداري ومعالجة الدَّين العام، وهو يسعى الى إيجاد حكومة بمعايير الولاء للمهنية والإنتاج، تحظى بغطاء إقليمي ودولي، بعيداً من ارتهان البلد لقرارات هي في النهاية لرؤساء الطوائف والأحزاب. لا شك في أن الرئيس نجيب ميقاتي يحظى بدعم «س - س»، صحيح ان الدعم غير معلن حتى الآن، لكن طرفي المعادلة متفائلان وينتظران النتائج، فضلاً عن انه يبدو ان السعودية باتت على قناعة بأن اختيار ميقاتي جنّب لبنان اختيار شخصية أخرى تثير النفور، أو القبول بحكومة تصريف أعمال تعطّل حال البلد الى ما لا نهاية، أو الدخول في فراغ سياسي، إضافة الى أن نجيب ميقاتي رجل معتدل، ويؤمن بمعايير العمل والواقعية ويمتلك الحلم والصبر، وهو قال ل «الحياة»: «الأفضل لنا أن نكون جميعاً حول الطاولة، ورجاء عدم شخصنة أي أمر». الأكيد ان الرئيس ميقاتي قادر على تجاوز تعقيدات تشكيل الحكومة إذا تحلى البعض بالواقعية، وهو ربما شكّل حكومة تعمّر الى انتخابات 2013، لهذا فإن جماعة 14 آذار ستكون هي المسؤولة، وحدها، عن غيابها في حال قام الرجل بإصلاحات بنيوية لا تروق لمصالحها. الرجل يسعى إلى تثبيت الاستقرار وحماية الدولة، ورفض التعاون معه يعني أن البعض يشخصن القضية، ويسعى الى احتكار السلطة. واحتكار السلطة لا يختلف في مدلولاته عن احتكار السلاح.