عبرت منظمات وشخصيات حقوقية عن قلقها إزاء احتمال «دفن» تقرير غولدستون الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق الأممية برئاسة القاضي الجنوب أفريقي اليهودي ريتشارد غولدستون في شأن «جرائم الحرب» التي ارتكبتها إسرائيل خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. وقال مدير مركز «الميزان» لحقوق الإنسان عصام يونس ل «الحياة» إن منظمات حقوق الإنسان لديها قلق بالغ من احتمال أن يكون تقرير غولدستون «مات»، مضيفاً أن عدداً من ممثلي المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني سيثيرون أسئلة عن التقرير في لقاء سيجمعهم مع مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان نافا بيلاي التي تزور الأراضي الفلسطينية الأسبوع الجاري للمرة الأولى منذ تعيينها في منصبها عام 2009 خلفاً للكندي لويس آربر. وستصل بيلاي إلى قطاع غزة الخميس المقبل في زيارة تستغرق يومين تلتقي خلالها ممثلي سبع منظمات أهلية، وثلاثاً من عائلات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وممثلي الأسرى. كما ستجول في عزبة عبدربه شرق مخيم جباليا للاجئين، وعزبة بيت حانون غرب بلدة بيت حانون، وبلدة بيت لاهيا شمال القطاع، وستلتقى عدداً من ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير الذي دام 22 يوماً وانتهى في 18 كانون الثاني (يناير) 2009، واستشهد خلاله نحو 1500 فلسطيني، وجرح نحو خمسة آلاف آخرين، وتم تدمير نحو 25 ألف منزل كلياً وجزئياً. ولمناسبة زيارة بيلاي، وجه عدد من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية رسالة مفتوحة مشتركة إليها تطالب بمعرفة مصير تقرير غولدستون بعد مرور عامين على انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع. وقالت المنظمات التي رحبت بزيارتها الأولى للمنطقة، إنها تنتهز هذه الفرصة لتسألها: «هل مات تقرير غولدستون؟». وأضافت الرسالة: «مر عامان على انتهاء العدوان الإسرائيلي (عملية الرصاص المصبوب) على قطاع غزة، ولم يتم حتى اللحظة إحقاق العدالة للضحايا، فهل يتوجب على أولئك الضحايا أن يتخلوا عن الأممالمتحدة في سعيهم للبحث عن المساءلة؟ أم هل هناك سبيل للخروج من ثقافة الإفلات من العقاب السائدة؟». واعتبرت أن «فرصة إحقاق العدالة تم الاستيلاء عليها من جانب المصالح السياسية، ونحن بحاجة لدعمكم الحاسم نيابة عن الضحايا. إن إحقاق العدالة أمر أساس لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي ولإرساء الأسس لسلام عادل ودائم في المنطقة». وكان «تقرير غولدستون» الذي نشر في أيلول (سبتمبر) 2009، قال إن إسرائيل ارتكبت «جرائم حرب» و«ربما أيضاً جرائم ضد الإنسانية». وأقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة التقرير الذي يقدم إطار عمل واضح لضمان العدالة للضحايا استناداً للقانون الدولي، بما في ذلك إحالته على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وممارسة الولاية القضائية العالمية. وجاء إقرار التقرير من المجلس في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2009، بعدما ثارت ثائرة الفلسطينيين في أعقاب إرجاء النظر فيه بناء على طلب باكستان باسم المجموعة الإسلامية، بعدما أوعز ممثل منظمة التحرير الفلسطينية له بذلك، خلال جلسة عقدها المجلس في الثاني من الشهر نفسه. وشكلت الأممالمتحدة لجنة مستقلة لمتابعة التقرير، وتم إرجاء النظر فيه أكثر من مرة، آخرها في أيلول الماضي عندما تم تأجيل مناقشته لستة أشهر تنتهي الشهر المقبل، وذلك بضغوط أميركية وإسرائيلية على السلطة الفلسطينية بغية إعطاء فرصة للمفاوضات السياسية الفاشلة في تحقيق أي تقدم حتى الآن. وحضت المنظمات بيلاي على «سماع صوت ضحايا عملية الرصاص المصبوب، وبث الزخم في سعيهم وراء العدالة»، وناشدتها «استنكار مصادرة العدالة للضحايا الفلسطينيين من الجرائم الدولية باسم السياسة، وأن تطالب علناً بتنفيذ تقرير غولدستون، بما في ذلك إحالته على الجمعية العامة من دون المزيد من التأخير». كما طالبتها «بالسعي إلى الحصول على توضيح فوري من مكتب الشؤون القانونية عن أي قضايا عالقة في خصوص تأسيس صندوق ضمان لضحايا العدوان من الفلسطينيين، من أجل القيام فوراً بتسريع عملية التقدم في تأسيسه». كما طالبتها ب «إدانة الانتهاكات الإسرائيلية بشدة، والتي طاول أمدها القانون الدولي وتعمل على منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره المعترف به عالمياً». وشددت على أن «على الأممالمتحدة أن تنتهز هذه الفرصة للإعراب عن التزامها المعلن بالعدالة كما ذكر الأمين العام في خطابه أمام الجمعية العامة في كانون الثاني (يناير) 2011». وأعربت المنظمات عن ثقتها بأن بيلاي وطاقم مكتبها سيستخدمون «السبل المتاحة كافة» لهم، بما في ذلك «التأييد رفيع المستوى لضمان أن الشعب الفلسطيني مشمول بالكامل في الحقبة الجديدة من المساءلة التي أعلنت عنها الأممالمتحدة وبأن الإفلات من العقاب لا يسود». يذكر أن المنظمات الموقعة على الرسالة هي جمعية الضمير لحقوق الإنسان ودعم الأسرى (رام الله)، ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان (غزة)، ومؤسسة الحق لحقوق الإنسان (رام الله)، ومركز الميزان لحقوق الإنسان (غزة)، ومركز مصادر بديل للإقامة الفلسطينية وحقوق اللاجئين (بيت لحم)، والائتلاف المدني للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس (القدس)، ومنظمة حماية الطفل الدولية – فرع فلسطين، ومركز إنسان لحقوق الإنسان والديموقراطية، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، واللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب في إسرائيل، ومركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، ومركز المرأة للمساعدة القانونية والإرشاد.