مواهب سعودية مختلفة أصبحت تجد طريقها الآن إلى الظهور، تفتقت مواهبها عن إبداعات جديرة بتقديمها للعالم عبر المعارض والمناسبات الفنية المختلفة، وبعد عقود من الاختباء والإهمال بفعل عوامل ثقافية واجتماعية، أصبح الفن اليوم يجد من يرعاه ويتبناه ويهتم لأمره. فنانون شباب استثمروا في الفرص التي تتيحها شبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن كسروا حواجز الخجل وضعف الثقة بإمكاناتهم ونظرة المجتمع التي ظلت لسنوات حبيسة مواقف متوجسة، قبل أن تنعتق وتستوعب حقيقة الفن المؤثرة ودوره في تشكيل الوعي الاجتماعي المنتج والمبدع. وعلى رغم ما تحقق حتى الآن وهو ما يعتبر تقدماً لدى السعوديين، المشوار لا يزال في بداياته، إذ هناك جملة من التحديات، ينتظر فنانون شباب أن تنجلي مستقبلاً لضمان أفضل أداء وإنتاج يمكن أن يقدمهم للعالم. وفي الوقت ذاته يستبشر الفنانون الشباب في السعودية بمستقبل صالح لفنونهم وظروف عملهم، ولكن المحك هو الواقع. «الحياة» التقت عدداً منهم، واطلعت على بعض إنتاجهم الذي سافر إلى تركيا ودول الخليج وبعض الدول الأوروبية، وكان نقاش حول مستقبل الفن الشاب في السعودية. «جوديارو» فنانة سعودية شابة، ولها متابعون كثر في مواقع التواصل الاجتماعي، تقول عن تجربتها: «بدأ حبي للفن منذُ طفولتي كوني من عائلة تنحدر منها قائمة طويلة بأسماء فنانين تشكيلين، فأنا مولعة بالفنون السبعة جميعها. في الروضة والمدرسة الابتدائية، واجهت صعوبة في التماشي مع رغبة المعلمة في رسم شيء تطلبه منا، لطالما خرجت عن النص وتفننت في ما أحب وأهوى وعلى رغم قدرتي العالية في الرسم وتصوير الأشياء، إلا أنني لم ألقَ تشجيعاَ حينذاك». وأضافت: «بداياتي في الرسم كانت محاولات صغيرة لرسم الجمادات وهذا لا يستهويني، ثم اتجهت لرسم البورترية واعتنقته بكل حب، فجُل متعتي كانت في تثبيت الملامح». وتابعت : «اليوم نحن ضمن موجة ضخمة فيها العديد من الفنانين الناشئين، ومع ذلك ليست هناك جهات ترعى أمثال هؤلاء، المعارض والفاعليات ليست كافية». ويوضح حمزة خالد الخطيب من المدينةالمنورة أن حبه للفن بدأ قبل 8 سنوات تقريباً، وذلك بتأثر من صديقه محي الدين شبو. ويقول: «عملت على تطوير نفسي وجربت أكثر من نوع ، وما شدني هو الخط العربي وجمالياته، ثم بدأت في معارض في المدينةالمنورة وخارجها». ويرى الخطيب أن مستقبل الفن في السعودية «جيد» وسيصبح أفضل إذا ما تم تقدير الفنانين وتقدير تعبهم وجهودهم وأشغالهم الفنية». مشاري الغامدي، بدأ مسيرته التشكيلية منذ طفولته ويقول: «كنت مجتهدا جداً في الحصص الفنية، وكانت لوحاتي تعلق في أروقة المدرسة، وشاركت عام 2009 بمسابقة على مستوى مدارس الرياض في الرسم، كما شاركت عام 2012 بمعرض أسبوع المرور الخليجي السنوي بحضور مدير المرور بالمملكة، وفي السنة ذاتها تم تقديمي لبرنامج «كيف أرسم» في «يوتيوب» لتعليم الرسم ولقي مشاهدات جيدة، وتم إجراء مقابلات تلفزيونية وإذاعية معي». وتابع: «بعد ذلك بدأت عبر عالم التواصل الاجتماعي في نشر أعمالي والتحدث عن المواضيع الاجتماعية، وعام 2015 تم وضعي على قائمة «إلمام» وهي عن أقوى الشخصيات الشابة تأثيراً بالمملكة، وفي عام 2016 شاركت بإحدى لوحاتي في معرض دولي خاص أقامته فنانة تشكيلية استرالية ودعتني للمشاركة في معرضها الذي يجمع 14 مشتركاً من حول العالم للتعرف على مستويات الفن التشكيلي، وهناك مثلت المملكة العربية السعودية، وطلبت منهم أن يستبدلوا صورتي بالعلم السعودي حتى أثبت بأني وطني ينتج الفن». الغامدي الذي زارته «الحياة» يعد العدة للمشاركة بإحدى لوحاته في معرض بتركيا، وكان سبق له وأصدر كتاب «قوة البراءة» عبر دار «ملهمون»، وأخذ الأكثر مبيعاً بمعرض جدة الدولي بقسم الدار، وهو منشغل الآن بتخصصه الدراسي في جامعة الملك سعود بكالوريوس هندسة معمارية. ويتمنى لظروف العمل الفني أن تتطور في السعودية، ويؤكد أن الفرص متاحة ولكنها مجهولة أحياناً،لافتاً إلى أن السعودية تحتاج إلى أن تحيط فنونها وشبابها باهتمام مضاعف، لأن الفن لغة عالمية والمنافسة ضرورية.