أطاحت تهم بالفساد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي استقال أمس، بعد قرار من المحكمة العليا قضى بعدم أهليته للمنصب. وأرفق شريف استقالته بإبداء تحفظات قوية عن مسار العملية القضائية التي أدت إلى اتهامه ومحمد صفدر زوج ابنته مريم بعدم الإفصاح عن ثرواتهما في الخارج، ما يعرضهما لإدانة بموجب قانون غسل الأموال الذي تصل عقوبته إلى السجن 13 سنة. وقال القاضي إعجاز أفضل خان، إن شريف (67 سنة) «لم يعد مؤهلاً ليكون عضواً نزيهاً في البرلمان ولم يعد يشغل منصب رئيس الوزراء». ونشأت الاتهامات التي شملت أيضاً وزير المال إسحق دار، من تسريبات عرفت ب «أوراق بنما» تتعلق باستثمارات وشركات مخبأة في الخارج يملكها مئات السياسيين والقضاة والمسؤولين الباكستانيين وأقاربهم. واقتصرت آثار القضية على شريف، من دون أن تشمل حزب «الرابطة الإسلامية» الذي يتزعمه ويملك غالبية مريحة في البرلمان تمكنه من تشكيل حكومة جديدة ومواصلة الإمساك بالسلطة إلى حين إجراء انتخابات بعد نحو عشرة أشهر، علماً أن الحزب كان اتهم الأجهزة العسكرية بالوقوف وراء التحقيق ب «أوراق بنما» للإيقاع بشريف وعزله. لكن القيادة العسكرية نفت تلك الاتهامات، مشيرة إلى نزاهة المحققين واستقلاليتهم. وتباينت ردود الفعل على قرار المحكمة، بين تظاهرات احتجاج نظمها أنصار شريف في لاهور، كبرى مدن إقليم البنجاب ومناطق أخرى، وبين احتفالات في معاقل «حركة الإنصاف» بقيادة عمران خان، بطل الكريكيت السابق الذي استغل ظهور «أوراق بنما» قبل نحو 16 شهراً، للمطالبة بالتحقيق في ثروة شريف، بما في ذلك شراء أسرة الأخير شققاً فاخرة في لندن وإخفاؤها باسم شركات «أوف شور»، علماً أن خان ذاته يخضع لتحقيق أمام المحكمة العليا حول مصادر دخله. ويمهد القرار القضائي لمحاكمة شريف وحرمانه من العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات إذا دين، في حين قد تصل عقوبتا وزير المال وزوج ابنة شريف إلى السجن. وأمر واجد ضياء رئيس وكالة التحقيقات الفيديرالية الباكستانية بمنع سفر شريف وأبنائه وصهره إلى حين انتهاء التحقيق معهم في لجنة المحاسبة المالية التي أحيل إليها ملف التحقيق. بدأ الحزب الحاكم في باكستان تداول الأسماء المرشحة لخلافة شريف الذي انتهت فترتا ولايتيه السابقتان قبل اكتمالهما، إحداهما في انقلاب عسكري عام 1999 عاد بعده من المنفى ليحقق فوزاً ساحقاً في انتخابات عام 2013. وعلمت «الحياة» أن أبرز المرشحين لخلافة شريف وزير الدفاع خواجا آصف، وهو من أقرب المقربين لعائلة شريف ويتمتع بعضوية البرلمان منذ عام 1991 ولديه خبرة في العمل المصرفي. وينافس آصف على المنصب وزير التخطيط أحسن إقبال ويعتبر من أبرز القياديين في الحزب الحاكم وهو خريج الجامعات الأميركية ويقف وراء عدد كبير من مشاريع التنمية. ويتداول في أروقة الحزب اسما وزيري الداخلية والنفط تشودري نثار علي خان وشهيد عباسي. وأشارت تقارير إلى انقسام محتمل داخل الحزب بقيادة وزير الداخلية بعد تقديم الأخير استقالته من الحزب الحاكم، غير أن مصادر مطلعة في إسلام آباد أبلغت «الحياة» بأن لقاءين عقدهما شهباز شريف ونثار علي خان أفضيا إلى إقناع الأخير بالبقاء في صفوف «الرابطة»، ما عزز إشاعات عن تغييرات داخلية في الحزب يدعمها الجيش الباكستاني، خصوصاً أن شهباز شريف ونثار علي خان تربطهما علاقات قوية بالجيش، عكس نواز شريف الذي شابت علاقتَه بالجيش شكوك متبادلة خلال ثلاثة عقود من عمله في المعترك السياسي.