لا تزال آثار السيول التي دهمت الأحياء الشمالية من مكةالمكرمة (شارع الحج – البحيرات - العمرة - المقرح - أم الجود - النوارية) الخميس الماضي، والتي أسفرت عن وفاة شخص واحد وإنقاذ 24 محتجزاً وأضرار في العديد من الممتلكات، ماثلة أمام أعين ساكنيها، إذ يمكن لزائرها مشاهدة المركبات التالفة بسبب السيول على أرصفة الحي وكذلك الآثار المرسومة على جدران المنازل من دفع السيول، فيما تعمل اللجان المشكلة من أمير منطقة مكةالمكرمة على تسلم طلبات المتضررين والتحقق منها من أجل تعويضهم. يقول أحد سكان حي شارع الحج عمر وضاح ل «الحياة»: «من لطف الله بنا أنّنا لم نكن موجودين في المنزل عند هطول الأمطار وعند عودتنا للحي لم نستطع دخوله، نظراً إلى محاصرة مياه الأمطار وإغلاقها للطريق، ما اضطرنا للمبيت في أحد الفنادق القريبة، وفي اليوم الآتي عدنا للمنزل لنكتشف حجم الكارثة»، مضيفاً: «اضطررت لرمي أثاث منزلي، لأنه لم يعد صالحاً للاستعمال وكذلك مركبتي التي حاصرها السيل». بدوره، يؤكد أحد سكان حي شارع الحج عامر السفياني، أنها ليست المرة الأولى التي تتضرر فيها المنازل بهذا الشكل ولكن هذه المرة الضرر أكبر، إذ سبق أن تقدمنا بشكاوى للصرف الصحي لعمل تصريف للشوارع والمنازل، ولكن لا مجيب. وأضاف، في كل مرة نتضرر فيها يقولون سنعوضكم ثم ينتهي بنا المطاف إلى أن نردد المثل الشعبي «سفّ الدقيق ياسعيد»، مشيراً إلى أن مركبة والده سبق وأن تضررت من أمطار شهدتها العاصمة المقدسة في وقت سابق، وتقدم بطلب للتعويض وأكمل الإجراءات وحتى الآن لم يحصل عليه. أما حي البحيرات الذي يعتبر الأكثر تضرراً من أمطار الخميس، فيقول أحد ساكنيه عبدالله السلمي: إن الحي كان الضحية الأولى في السيول، إذ إن منافذ تصريف الأمطار موجودة ولكنها تحتاج إلى تصريف، وفقاً لقوله، ويضيف أنه بعد انتهاء المطر وتصريف المياه تراكمت الأتربة والحجارة على مركبتي ولم أستطع انتشالها، ما دعاني إلى التواصل مع البلدية التي بدورها طلبت مني تقديم بلاغ وعلى إثره سيتم إرسال «حاملة المركبات» لفسح الطريق، وما زالت مركبتي عالقة في انتظار تنفيذ البلاغ. من جهته، يشير أحد سكان البحيرات فارس الزهراني إلى أن الحي لم يكن عرضة للسيول في السابق، مستبعداً وقوع كارثة بهذا الحجم سببت الكثير من الأضرار للممتلكات بأنواعها، ويفيد بأنه اضطر وعائلته للبقاء في المنزل ل10 ساعات، في وقت كانت المياه تحاصرهم من جميع الجهات في ظل انقطاع الكهرباء الذي استمر لفترة طويلة، مبيناً أنه تقدم ببلاغ لجميع الجهات الحكومية «الدفاع المدني والبلدية والكهرباء»، وفي كل مرة يكون الرد سيتم التواصل معكم ولم يحصل التواصل إلا متأخراً. حي النوارية لم يسلم من أضرار السيول، إذ حاصرته المياه من جهة وغابت الكهرباء من جهة أخرى، ما فاقم المشكلة ودفع بأهالي الحي للجوء إلى الفنادق والشقق المفروشة، بعد أن غرقت إحدى محطات الكهرباء بالمياه وحرمت حي النوارية والأحياء المجاورة له من الكهرباء، وما زالت تغيب لثماني ساعات يومياً حتى يوم أمس. ويشير أحد ساكني حي النوارية طارق الرويس إلى أن السيول حاصرت منزله وانقطعت الكهرباء لثماني ساعات، وبعد تقديمه للبلاغ أكدوا له أن المحطة التي تزود الحي بالكهرباء تعرضت لخلل فني وسيتم إصلاحها في أقرب وقت، مضيفاً أنهم رفضوا إرسال محول لتشغيل الكهرباء للمنزل محتجين بعدم وجود محولات لديهم في ذلك الوقت. بدوره، يقول أحد المتضررين من السيول صالح الهاشمي ل«الحياة»: «تقدمت بأوراقي التي تثبت تضرر منزلي ومركبتي وكذلك مركبة ابني وسنتقدم بها إلى اللجنة التي تم تشكيلها لحصر الأضرار وتعويض المتضررين وننتظر التعجيل في تسليم التعويض إلى المتضررين لعله ينسينا ماخسرناه، إذ اضطررت إلى رمي نصف ممتلكات المنزل التي لم تعد صالحة للاستخدام»، فيما يتفق معه أحد المتضررين الساكنين في حي العمرة علي المجنوني في نفس الطلب، إذ إن الأضرار التي لحقت به وعائلته كبيرة وتحتاج إلى تعويض مجز. من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم الشركة السعودية للكهرباء عبد المعين الشيخ في حديث إلى «الحياة» أن شركة الكهرباء سبق أن قامت بالتنسيق مع الأمانة لوضع تصريف للحي الذي تقع فيه محطة الكهرباء لتفادي مشكلة انقطاع الكهرباء بسبب المياه. وأضاف عبد المعين الشيخ، أن شركة الكهرباء اجتمعت أمس مع أمانة العاصمة المقدسة وعملت على التنسيق معها مرة أخرى من أجل وضع حلول سريعة للموقع لمنع تجمع المياه مرة أخرى في المنطقة المحيطة بالمحطة، واعتمدت الأمانة مخططات لتصريف المياه وسيبدأ تنفيذها في أقرب وقت. وأشار إلى أن الشركة لديها خطط لمواجهة الطوارئ والكوارث إذ إن كل محطة كهرباء لديها محطة بديلة تستخدم في حال حصول خلل في المحطة الرئيسة، وعند انقطاع الكهرباء نعمل على توصيلها بعد ساعتين ل 70 في المئة من المتضررين، ومن تعذر توصيل الكهرباء لهم من طريق المصادر البديلة نقوم بتوفير مولدات كهرباء متنقلة من أجل إمدادهم بالكهرباء حتى إصلاح المحطة الرئيسة. وأكد أن شركة الكهرباء تحرص على تعزيز مصادر الكهرباء وإنشاء محطات بديلة لضمان عدم انقطاع الكهرباء عن المشتركين. ... و«الدفاع المدني» تحصر الأضرار أوضح المتحدث الرسمي للدفاع المدني في العاصمة المقدسة المقدم صالح العلياني في حديث إلى «الحياة» أن فرق الدفاع المدني بدأت أول من أمس (الأحد) في حصر الأضرار التي نتجت من سيول مكة سواءً أكانت المنازل أم المركبات. وأكد المقدم صالح العلياني أنه بعد حصر الأضرار سيتم الرفع بالإحصاءات إلى اللجان المختصة والتي بدورها ستعمل على درسها وإكمال الإجراءات المترتبة عليها من حيث تعويض المتضررين. يذكر أنه صدر توجيه من أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير مشعل بن عبدالله إلى المديرية العامة للدفاع المدني بالعاصمة بسرعة تشكيل لجان لحصر الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار التي شهدتها العاصمة المقدسة عقب الاجتماع الطارئ الذي عقده أخيراً في إمارة مكةالمكرمة لمناقشة تطورات الأمطار مع الجهات الأمنية والحكومية. وبدأت مديرية الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة بتحديد مواقع لثلاث لجان، لاستقبال المتضررين وتسجيل بياناتهم وذلك اعتباراً من الأحد الماضي.