تجهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للنيل من صدقية التحقيق الذي يطاولها في ملف روسيا، مع اتساع رقعته وإرغام صهر الرئيس جاريد كوشنر على كشف مزيد من البيانات المالية، في وقت تحدى الكونغرس البيت الأبيض، إذ أقرّ عقوبات على موسكو كان ترامب طالب بالتراجع عنها. وبعد استقالات في الفريق القانوني وتعيين مستشارين إعلاميين جدد، بدأ البيت الأبيض انتهاج سياسة جديدة، تتمثّل في المسّ بسمعة روبرت مولر، المحقق في ملف روسيا، كما فعل الرئيس السابق بيل كلينتون مع كينيث ستار، المحقق في فضيحة مونيكا لوينسكي آنذاك. لكن استراتيجية ترامب بدت ضعيفة، مع استمرار التسريبات ولأن مولر، عكس ستار، له سمعة مستقلة وصدقية لدى الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، نظراً إلى رصيده الطويل في أجهزة الاستخبارات وفي البحرية الأميركية. وأفادت وكالة «رويترز» بأن فريق مولر يسعى إلى كسب تعاون بول مانافورت، المدير السابق لحملة ترامب الانتخابية، من خلال إثباتات ضاغطة في شأن الاشتباه بتورطه بعمليات غسل أموال مع شخصيات روسية. وأوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن التحقيق أرغم كوشنر على كشف بيانات مالية «حذفها عن غير قصد» حين دخل البيت الأبيض. وتشير البيانات إلى ممتلكات ولوحات فنية وعقارات ورخص كحول، تبلغ قيمتها على الأقل 10 ملايين دولار. ويبدو البيت الأبيض معزولاً، حتى عن القيادة الجمهورية، في التحقيق حول روسيا، مع استعداد الكونغرس للانقلاب على الرئيس وتمرير عقوبات جديدة على روسيا. وقال أعضاء ديموقراطيون بارزون إنهم توصلوا إلى اتفاق مع الجمهوريين في شأن تشريع يتيح تشديد عقوبات على روسياوإيرانوكوريا الشمالية، ويقيّد أي مسعى لترامب لرفع العقوبات على موسكو. وكان مجلس الشيوخ أقرّ الشهر الماضي، بغالبية 98 صوتاً في مقابل اثنين، «قانون مواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار»، لكنه تعطّل في مجلس النواب بعدما اقترح الجمهوريون إدراج عقوبات على كوريا الشمالية ضمنه. وينصّ مشروع القانون الذي سيصوّت عليه مجلس النواب هذا الأسبوع، على أن يقدّم ترامب تقريراً إلى الكونغرس في شأن أي إجراءات مقترحة، من شأنها إحداث «تغيير كبير» في السياسة الخارجية الأميركية حيال روسيا، بما في ذلك تخفيف العقوبات أو إعادة مقرَين ديبلوماسيَين في ماريلاند ونيويورك، كان الرئيس السابق باراك أوباما أمر بإخلائهما في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وسيكون أمام الكونغرس 30 يوماً على الأقل، يعقد خلالها جلسات استماع قبل أن يصوّت، سواء لتأييد تغييرات يقترحها ترامب أو لرفضها. وقال السيناتور بن كاردين، وهو عضو ديموقراطي في لجنة العلاقات الخارجية: «يستعد الكونغرس بإجماع شبه كامل لتوجيه رسالة واضحة إلى الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين، نيابة عن الشعب الأميركي وحلفائه. ونريد من الرئيس ترامب أن يساعدنا في إيصال هذه الرسالة». تزامن ذلك مع إعلان السفارة الروسية أن السفير في واشنطن سيرغي كيسلياك أنهى عمله أول من أمس، مشيرة إلى أن دينيس في. غونتشار، نائب رئيس البعثة، سيعمل قائماً بالأعمال إلى أن يصل السفير الجديد، والذي يُرجّح أن يكون أناتولي أنتونوف، نائب وزير الخارجية الروسي. وكيسلياك هو شخصية محورية في ملف اتهام موسكو بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية، وبالتواصل مع حملة ترامب. إلى ذلك، اعتبرت المفوضية الأوروبية أن مشروع قانون العقوبات على روسياوإيران «مدفوع في الأساس باعتبارات محلية»، وحذرت من عواقب محتملة «هائلة ومحفوفة بالأخطار» لا يمكن التكهن بها، لا سيّما ما يتعلّق بجهود الاتحاد لتنويع مصادر الطاقة بعيداً من روسيا. في غضون ذلك، رفض مايك روجرز، مدير وكالة الأمن القومي الأميركية، تشكيل وحدة أمن إلكتروني بين الولاياتالمتحدةوروسيا، قائلاً: «لست رجل سياسة. أقول إن الآن ليس على الأرجح الوقت المناسب لفعل ذلك».