أعرب البيت الأبيض عن استنكاره وإدانته لاستخدام العنف ضد التظاهرات السلمية في القاهرة. وقال الناطق روبرت غيبس في بيان مقتضب إن «الولاياتالمتحدة تدين أعمال العنف في مصر وإننا قلقون جداً للهجمات على وسائل الإعلام والمتظاهرين المسالمين. نجدد دعوتنا لضبط النفس». في غضون ذلك، عَكَسَ بيان الرئيس باراك أوباما ليل أول من أمس، في خصوص عدم اكتفاء واشنطن بإعلان الرئيس حسني مبارك إنهاء ولايته في الحكم في أيلول (سبتمبر) المقبل، وتطلعها إلى خطوات «مستعجلة أكثر»، رغبةً أميركية في التواصل مع المعارضة وتشكيل حكومة انتقالية «مع مبارك أو من دونه» للإشراف على المرحلة المقبلة. وفي لهجة شديدة الحذر وكلمات منمقة، تتفادى الدعوة إلى «تنحي» مبارك وإنما تدعو في الوقت نفسه إلى بدء عملية انتقال السلطة «الآن»، أعلن أوباما من البيت الأبيض أنه ابلغ نظيره المصري خلال اتصال هاتفي استمر نصف ساعة، أن عملية انتقال السلطة سلمياً في مصر يجب أن تبدأ «الآن»، واعتبر أن «ما هو واضح وما أبلغته هذا المساء للرئيس مبارك أن عملية انتقال السلطة ينبغي أن تتم في شكل سلمي وأن تتم الآن». وفيما كان أوباما قد تحدث في بيانه الأول مع بدء الأزمة عن «خطوات ملموسة» يمكن أن يتخذها مبارك، حدد البيان الثاني مجموعة مطالب أميركية إلى جانب إعلان مبارك عدم نيته الترشح إلى ولاية جديدة، إذ دعا أوباما الرئيس المصري إلى إطلاق عملية انتقال للديموقراطية تشمل «قطباً واسعاً من الأصوات المصرية والأحزاب المعارضة... وتُوصِل إلى انتخابات حرة ونزيهة». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في الإدارة، أن واشنطن تريد «حكومة انتقالية مع أو من دون مبارك على رأسها، وتُشكَّل من قيادات إصلاحية مدعومة من الجيش المصري، لتتعاطى مع القضايا التي يعاني منها المصريون وتعمل على استعادة الاستقرار والتحضير للانتخابات». وكشفت الصحيفة أن مبعوث الإدارة لمصر فرانك فيسنر، أبلغ مبارك رسالة من أوباما ذات شقين: الأول يتعلّق بالاعلان عن عدم خوضه الانتخابات مجدداً، وهو ما التزم به الرئيس المصري، والثاني يتعلق ب «حض مبارك على نقل السلطة في وقت أبكر». وقد تجاهل مبارك الشق الثاني حتى خطابه أول من أمس، وهو ما استدعى اتصالاً من أوباما لمدة 30 دقيقة. وحمل بيان أوباما الذي ألقاه بعد قليل من توجيه مبارك خطابه إلى الشعب المصري، توقعات واشنطن في شأن صعوبة المرحلة المقبلة، إذ أشار الرئيس الأميركي إلى «أوقات صعبة» أمام الشعب المصري، وأبدى ثقته بالجيش والمؤسسة العسكرية. وتعكس مقاربة واشنطن تحديين أمامها، الأول هو عدم تمكنها من الضغط على مبارك وإقناعه بمطالبها، والثاني لجهة عدم وجود بديل مقنع أمامها في المعارضة للضغط لتنحي مبارك. ومن هنا، تبدو الإدارة الأميركية وكأنها ترقص على نغم مزدوج في استعجالها المرحلة الانتقالية، وانما التريث في عزل مبارك. وحاول البيت الأبيض الوقوف في صف المتظاهرين، خصوصاً بعد انتقادات لأوباما بعدم اعطاء موقف واضح من ذلك. وقال أوباما مخاطباً الشباب المصري: «إلى شعب مصر، وخصوصاً إلى شباب مصر، أود أن أكون واضحاً: نحن نسمع أصواتكم. إنني مؤمن تماماً بأنكم ستحددون مصيركم بأنفسكم». وتطرق أوباما أيضاً إلى الدور الذي يضطلع به الجيش المصري في هذه الأزمة. وقال: «أريد أن أحيي الجيش المصري على الاحتراف الذي أظهره عبر حمايته الشعب المصري». وتابع: «لقد شاهدنا دبابات مغطاة بأعلام، وجنوداً ومتظاهرين يتعانقون في الشوارع. إنني أحض الجيش على مواصلة جهوده لضمان إتمام لحظة التغيير هذه في شكل سلمي».