ما يجرى في مصر ربما انعكس إيجاباً على أزمة تشيكل الحكومة اللبنانية. فالتهدئة، إن شئت، التبريد، بات مطلباً لكل الأطراف العربية، وربما الدولية، فضلاً عن أن اتصالات الرئيس نجيب ميقاتي تشير الى أن الفريقين المسيحيين الأساسيين في قوى 14 آذار (حزب «الكتائب» وحزب «القوات اللبنانية») يلوحان بدخول الحكومة. ومع الوقت، ربما، وجدت جماعة الحريري أن الحضور في الحكومة أنسب من الجلوس خارجها. ولسان حالها يقول، العالم اليوم مشغول بأحداث ميدان التحرير في القاهرة، وليس في وارد الاستماع لقضية أخرى، وإذا لم يدخل «تيار المستقبل» الحكومة فسيعيش عزلة قد تطول. الرئيس ميقاتي يسعى الى تشكيل حكومة مهمتها إنقاذ البلد من صراع محتمل. ميقاتي يقف في منتصف الطريق. الى يمينه قوى 14 آذار التي تشترط قبل وصولها الى المنتصف معالجة موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وسلاح «حزب الله» وملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، وهي شروط لا تصدر إلا عن منتصر. وإلى يسار ميقاتي جماعة 8 آذار، التي تعتبر أن المحكمة أصبحت خارج الحساب، وترى في السلاح مطلباً وطنياً، وليست معنية بالمعتقلين. لكن نجيب ميقاتي يطالب الجميع بتطبيق المثل «لا يموت الذئب ولا تفنى البلد»، هو يريد تحريك عربة الوزارة أولاً، وساعتها لكل حادث حديث، وهذا عين الحكمة والسياسة. المعارضة الجديدة لا تزال تملك كتلة من 60 نائباً، وهي بهذا العدد تستطيع أن تدير اللعبة السياسية. تكسب الوقت، وتمارس المناورة، وتحمي رجالها من الملاحقة. أما السلاح فيمكن تركه الى طاولة الحوار. تبقى قضية المحكمة. وهذه ينبغي على جماعة 14 آذار أن تتعامل معها كوسيلة لا غاية. فضلاً عن أن عليها أن تدرك، أن المحكمة مطروحة في المزاد السياسي، وإذا كانت المحكمة تساوي اليوم مقايضتها بالسلاح، فإنها بعد فترة قد لا تنفع في شراء منصب أمني. من السياسة والحكمة، أن تخفض جماعة 14 آذار مطالبها من الرئيس ميقاتي، وتدرك حدود مقدرته الراهنة، وتسعى الى استثمار حرصه على دخولها التشكيل الوزاري بمطالب معقولة تتيح لها الحركة. مثل المطالبة بتعيينات أمنية وإدارية. وترك إدارة الملفات الأخرى بعيداً من تعطيل البلد، وبهذا تكسب الوقت والتعاطف العربي والدولي.