اضطرت أروى الموظفة في مركز سرطان الثدي في مستشفى الجامعة مع سبع من صديقاتها الأربعاء الماضي المشي من أحد المراكز التجارية القريبة من الجامعة إلى مروراً بما وراء الشرفية وصولاً إلى منطقة بني مالك، الأمر الذي استغرق منهن ساعات طويلة. وقالت: «تركنا السيارة التي كانت تقلنا عند المركز التجاري، بعد أن خرجنا من مستشفى الجامعة الساعة الثالثة عصراً، عندما علمنا أن السيل سيأتي، وسرنا عكس السيل بحثاً عن فندق أو شقق مفروشة في الطريق قبل دهمه لنا، لكننا لم نجد مكاناً شاغراً أبداً، وكان منسوب المياه يصل إلى مستوى يقارب المتر، وبعد أن حرنا في أمرنا لم نجد بداً من التوجه إلى أحد الفنادق في شارع فلسطين كي نلاقي أهلنا الذين لم يستطيعوا هم الآخرون الوصول إلى مكاننا الذي نحن فيه، فاضطررنا إلى الذهاب إلى هناك وسط اندفاع المياه الشديد». واستدركت أروى: «ونحن في منتصف الطريق لجأنا إلى إحدى العمائر للاحتماء من السيل في منطقة «كوبري الخشب» في شارع الستين، وكان قد دخل وقت العشاء آنذاك»، مشيرةً إلى أن منسوب المياه قد ارتفع جداً إلى مستوى الصدر، وبات الوضع أكثر خطراً. وأضافت: «انقطعت الكهرباء عند دخولنا المبنى، وأصبح الظلام يلف المكان فانتظرنا قليلاً حتى تهدأ الأجواء في الخارج»، لافتة إلى عدم وجود إرسال هاتفي، إضافة إلى فراغ بطاريات هواتفهم الخليوية. وتابعت: «خرجنا الساعة التاسعة جهات إلى الفندق، وفي الطريق وجدنا شباناً متطوعين ساعدونا في صعود إحدى سيارات الشرطة التي لم تصل بنا إلى الفندق إلا في الساعة ال11 ليلاً، بعد أن سلكنا طرقاً عدة متفادين السيل». وتصف أروى ماوجهته وصديقتها: «كانت المياه قذرة جداً، كنا نصطدم بالحجارة أو الحديد المنقول مع السيل، إضافةً إلى تعثرنا كثيراً في الحفر الموجودة في الطرقات»، مفيدة أن الوضع كان مزرياً جداً، «كنا نرى المياه خلال سيرنا في الطريق تدخل إلى البيوت بلا استئذان». وأما نور (23 عاماً) فانتهت من اختبارها الساعة 12ظهر «الأربعاء المشؤوم» تحت إلحاح المعلمات على الانتهاء بسرعة حتى يخرجن من المبنى في أسرع ما يمكن. وقالت: «لم نكن ندري كيف سنخرج من المبنى، إلا أن والد إحداهن أتى لأخذها وركبنا أنا وصديقاتي الأخريات معها». وتتابع: «كان طريق الحرمين غارقاً في المياه، ما أجبر والد صديقتي أن يعود أدراجه، خصوصاً أن الناس هناك كانوا يؤشرون له بعدم سالكية الطريق فرجع، وبعدها ذهب بنا إلى طريق المدينة، وكانت السيارات واقفة من الساعة الواحدة والنصف إلى الساعة السادسة، وحينها سمعنا نداء من الدفاع المدني بأن يترجل من بالسيارات عنها، وفعلاً تركناها ومشينا إلى أن وصلنا إلى أحد المتاجر في الطريق، وانتظرت هناك وكانت الكهرباء مقطوعة والمكان مزدحماً»، وتضيف: «في هذه الأثناء كان أبي قد ترك سيارته في حي المساعدية وجاءني سابحاً وسط المياه الهادرة إلى المتجر وأخذني إلى حيث المكان الذي ترك فيه سيارته، لأصل البيت بعد الساعة الثامنة مساء على رغم قرب المسافة من المكان الذي كنت عالقة فيه». وأخذت مارية (21عاماً) وصديقتها تتابعان ما يدور في الخارج عند كوبري الستين المقابل لحي الكندرة من نافذة الغرفة التي اضطر أهلهما إلى استئجارها في الفندق المقابل للكوبري. وكانت مارية وصديقتها قد خرجتا من اختبارهما الساعة 12 ظهر يوم «كارثة جدة 2» وهما لم يكملا الصفحتين الأخيرتين من الاختبار بسبب إلحاح المعلمات على الطالبات بالانتهاء. وزادت: «أحسست أن الدنيا أظلمت في الخارج، وعندما خرجت من القاعة كانت سيارات الدفاع المدني قد دخلت إلى المبنى الذي كان ينقض من الماء، وفناء الجامعة مليئاً بالمياه، إذ تصل إلى الركبة تقريباً، كما كانت الباصات التي تقل عادةً الطالبات إلى بيوتهن قد دخلت إلى الجامعة بسبب عدم مقدرة الطالبات الذهاب إلى المواقف، وبعدها ركبنا أنا وصديقتي السيارة مع السائق، وقررنا الذهاب إلى الكندرة ومنها على الشرفية للوصول إلى بيتي في حي الصفا، وذلك لخوفنا من سلك الطريق السريع لكن عندما ذهبنا إلى الكندرة، أبدت صديقتي خوفها من إكمال الطريق لأنه سيكون خطراً جداً، فذهبنا للاحتماء بأحد الفنادق أمام «كوبري الكندرة»، وكان الوقت آنذاك الساعة الواحدة ظهراً». وتتابع: «انتظرنا حتى يتوقف المطر، لكننا اضطررنا إلى استئجار غرفة بعد ما قال لي أبي في مكالمة هاتفية إنه الحل الأفضل الآن»، مشيرةً إلى أنها وصديقتها استأجرتا الغرفة ببطاقات الجامعة لأنهما لم تصدرا بطاقة الهوية بعد، مفيدة أن الكوبري كان شديد الزحام من الظهر إلى الساعة 11 ليلاً، فيما استخدم بعض الناس حاويات النفايات الصغيرة للوقوف عليها بعد قلبها، إذ إن المياه كانت تصل إلى نصف المركبات في الشارع المؤدي إلى الكوبري، وكان هناك مركز للدفاع المدني إلى جانب الفندق، وكانت سيارات شفط المياه قد بدأت عملها الساعة 11ليلاً، في وقت بدأ فيه الزحام يخف من على الكوبري، موضحة أنها لم تستطع وصديقتها الخروج من الفندق إلا في الساعة الرابعة فجراً عندما أتى أحد أقاربها ليقلهما إلى منزليهما.