طلب الاتحاد الأوروبي من الحكومة اليمنية إجراء إصلاحات اقتصادية اعتبرها حساسة للغاية، أهمها إصلاح موازنة الدولة بخفض دعم المشتقات النفطية وتقليص الموظفين بنصف العدد أو ثلثه ويقدر بنحو 500 ألف موظف، يرتفع إلى 1.2 مليون إذا شمل موظفي القطاعين العسكري والأمني. وشدد الاتحاد الأوروبي في وثيقة أطلق عليها عنوان «دعم بناء الدولة» قدّمها إلى الحكومة اليمنية اخيراً، على ضرورة أن يدعم المجتمع الدولي هذه الإصلاحات، مع الإدراك الكامل للأخطار والحاجة إلى التسلسل. واعتبرت الوثيقة التي اطلعت عليها «الحياة»، أن «إتاحة الموازنة يسمح باستثمار يؤدي إلى توفير خدمات محسّنة ونمو اقتصادي وتحسين رواتب موظفي الخدمة المدنية». ولفتت الوثيقة إلى أن «المحاولة السابقة لرفع الدعم عن مشتقات النفط عام 2005 أدت إلى شغب. وتفيد الحكومة بأنها تخطط لتخفيض الإعانات النفطية هذه السنة بمجرد أن توضع محلها شبكة أمان اجتماعي فعّال. ويشكّل تدني سعر النفط فرصة مناسبة لإجراء الإصلاح». وأوصى الاتحاد الأوروبي اليمن بدعم النمو الاقتصادي غير النفطي القادر على تأمين وظائف وإيرادات حكومية، كأحد الحلول الإستراتيجية للمشاكل التي يعانيها اليمن. وحثّ اليمن على تنمية القطاعات الواعدة مثل الزراعة، الأسماك، السياحة والمعادن، ومعالجة المعوقات التي تواجهها، إلى جانب تعزيز الأعمال التجارية الأصغر والصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد غير الرسمي، ومشاريع الإقراض الأصغر وتقديم التسهيلات ودعم الصندوق الاجتماعي للتنمية التابع للحكومة. وذكرت الوثيقة الأوروبية أن تصدير العمال اليمنيين مورد اليمن الكبير الوحيد الذي يشكّل صمّام أمان لخفض معدلات البطالة المتنامية ويسمح لاستثمار آخر لتوفير الدخل. ولفتت إلى أن تحويلات المغتربين اليمنيين كانت وسيلة تقليدية لدعم بقاء الأسرة في اليمن، وحالياً تشكّل 5- 6 في المئة من الناتج المحلي وتتجاوز قيمة الصادرات غير النفطية بنسبة50 في المئة. وأشارت الوثيقة إلى أن يمنيين مغتربين كثيرين كانوا موجودين في دول الخليج قبل عام 1991، ويمكن أن يساعد التعليم المهني على تسهيل هجرة العمال الأكثر حاجةً للنشاطات الاقتصادية. وبحسب الوثيقة «لا يجب للإستراتيجيات أن تفترض أن الانتماء إلى مجلس التعاون الخليجي سيأتي في سرعة، ويجب اكتشاف روابط أخرى مثل طريق الهجرة التقليدية بين حضرموت والهند وشرق آسيا وتوفير التسهيلات لها». وحذّرت الوثيقة من مشاكل يعانيها اليمن، أهمها تأثير انتشار الفقر على أكثر من نصف السكان، والنمو السكاني السريع بواقع 3 في المئة سنوياً، وأزمة الموارد التي تجاوزت الآن ذروتها بخاصة في النفط الذي يؤمن تقريباً 70 في المئة من إيرادات الدولة، إضافة إلى خدمات المياه المستدامة التي تكفي فقط أقل من نصف السكان حالياً. وأظهر تقرير حديث أعدّته وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية والبنك الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أن 77.07 في المئة من دعم الحكومة للمشتقات النفطية يذهب إلى غير الفقراء في مقابل 22.93 في المئة يستفيد منه الفقراء. وأفاد بأنه على رغم مساهمة دعم مشتقات النفط في التخفيف من الفقر، إلا أن جزءاً كبيراً منه يتسرب إلى غير الفقراء، وقد يرتفع معدل الفقر بنحو 2.5 في المئة ما لم يتأمن برنامج دعم لهذه المشتقات. وقدّر التقرير نسبة الدعم إلى الناتج المحلي لليمن 10 في المئة، لكن شدد على أن اليمن ليس البلد الوحيد الذي يدعم الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية، علماً أنه يستورد نحو 55 في المئة من احتياجاته من مادة الديزل ونحو 90 في المئة من احتياجاته من الغاز المنزلي بسبب محدودية القدرة التكريرية للنفط وعدم مطابقة المنتج المصفّى للطلب المحلي، كما يحتل مستوى ارتفاع الدعم المقدم لمادة الديزل في اليمن المركز الرابع في العالم.