تعتبر مساجد السنوسية من المساجد التاريخية في محافظة ينبع، وعرفت بهذا الاسم من عشرات السنين، ومنها مسجد السنوسي بالمنطقة التاريخية في ينبع القديمة، الذي تم ترميمه أخيراً بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث العمراني، وذلك باستخدام الحجر المنقبي، ليخرج في حُلة زاهية يحمل في مضمونه عبق التاريخ ورحيق الذكريات. وأشاد محافظ ينبع مساعد السليم بالجهود التي بُذلت في إعادة الترميم، وقال: «أعجبت بهذا الإبداع الكبير في ترميم المسجد من حيث إعادة التأهيل والمواد التي استخدمت في الإنارة والتشجير والأشكال الهندسية التي لم تُخِلّ بأركانه التراثية التي تركت فيه طابع الماضي من خلال الحجر المنقبي الذي شيد منه المسجد، والذي كان يمثل صميم حياة أجدادنا الذين عاشوا مع البحر في ماضيهم الجميل». وشكر أمير منطقة المدينةالمنورة فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز الذي تبرع بترميم وتأهيل مسجد السنوسي التاريخي، وذلك خلال الحفلة التي أقيمت في المنطقة التاريخية بمحافظة ينبع ضمن فعاليات ملتقى التراث العمراني الثالث الذي نظمته لجنة التنمية السياحية في المحافظة بحضور الأمير سلطان بن سلمان. من جانبه، أشار رئيس فرع جمعية المحافظة على التراث في ينبع عواد الصبحي إلى أن أول مسجد شيده محمد علي السنوسي عام 1838 أثناء رحلته إلى مصر والحجاز ضمن عدد من المساجد الصغيرة والتي عرفت باسم الزاويا على موانئ ساحل الحجاز الشمالي (ينبع وأملج والوجه وضباء)، لافتاً إلى أن السنوسي عاش في مكةوالمدينة أثناء إقامته في الحجاز. والشيخ السنوسي الكبير هو أبو عبدالله محمد بن علي بن السنوسي الخطابي الإدريسي الحسني مؤسس الحركة السنوسية، إذ وُلد في ربيع الأول 1202ه (1787)، في بيئة عربية في مستغانم بالجزائر، وأخذ العلم في بلدتي الواسطة وفاس. وعلى الصعيد ذاته، أوضح المؤرخ السعودي الأديب عبدالكريم الخطيب أن الشيخ محمد بن علي السنوسي المتوفى عام 1859 ومن أحفاده ملك ليبيا محمد بن إدريس الأول، أنشأ في بادي الأمر مسجداً كان في أطراف المدينة«ينبع»، وتمت إزالته بحكم التوسعة وتخطيط المدينة، إلى جانب تشييد بعض الدور الصغيرة في حي السور، وهو أقدم حي في ينبع. كما قام بتشييد دكاكين على هيئة مخازن في سوق حراج الفحم والحطب القديم في قلب ينبع، وعمارة كبيرة على شاطئ ينبع استعملها آل الخطيب متجراً لهم، وهدمت في ما بعد بحكم التوسعة وإصلاح ميناء ينبع. وأضاف: «تم بناء المسجد الحالي بالقرب من حي السور بالمنطقة التاريخية بينبع على مساحة أرض كانت بيتاً ومقهى عائدة للسنوسية، ثم أعاد بناءه عام 1383ه، وكان المشرف على الوقف الشيخ محمود الخطيب - رحمه الله -، من أهالي ينبع». مبيناً أن سفير ليبيا لدى السعودية في تلك الفترة الشيخ حسين بلعون بذل مجهوداً كبيراً في صيانة هذا الوقف من الانهيار، وتولت الإشراف على هذا الوقف أسرة آل الخطيب منذ تأسيسه عام 1838 حتى عام 1970. وكان جامع السنوسي في ينبع بمثابة مدرسة دينية، فكان إمام الجامع عالم ينبع وقاضيها الشيخ حامد القباني، إذ كان يقوم بالتدريس فيه، وكانت له حلقة يومية لطلبة العلم، وكان رحمه الله لا يتقاضى أجراً على إمامة المسجد. يذكر أن السيد السنوسي الكبير أنشأ أول زاوية له في الحجاز عام 1737 في جبل أبي قبيس في مكةالمكرمة، ثم أتبعها بمساجد عدة في المدينةالمنورة والطائف وينبعوجدة وبدر والعيص وينبع النخل والمويلح والوجه ورابغ، إلى جانب تشييد بعض الدور والدكاكين وبساتين النخيل، ليساعد دخلها المادي في خدمة المساجد والزوايا. وتعد الزوايا في بداية القرن ال19 الميلادي مراكز نشاط علمي واجتماعي واقتصادي وإداري، حتى إن السلطة العثمانية اعترفت بهذه الزوايا ونشاطها الإسلامي وما تقدمه من جهود تتفق مع أهداف الدولة العثمانية، وهي في الوقت ذاته قوة لمناطق إسلامية في وجه العدوان الخارجي، ومن هذا الاتجاه كان اهتمام السلطان عبدالحميد الثاني بالطريقة السنوسية ودعمه لها.