بدأت الاتصالات غير المباشرة والبعيدة من الأضواء بين رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي والفرقاء اللبنانيين الذين أيدوا ترشيحه للرئاسة الثالثة من أجل الوقوف على مطالبها والتوفيق بينها وبين مطالب كتل أخرى، بعد أن كان ميقاتي عرض صباحاً نتائج مشاوراته الرسمية مع الكتل النيابية، مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وفيما أوضحت أوساط متابعة لعملية تأليف الحكومة أن ميقاتي سينتظر قليلاً لمعرفة ما إذا كانت «قوى 14 آذار» ستشارك في الحكومة ليسعى الى تأليف حكومة وحدة وطنية وإلا يلجأ الى تشكيل حكومة مختلطة من التكنوقراط وبعض السياسيين مع الحرص على ألا يكونوا استفزازيين، أكدت مصادر قوى 14 آذار أنها لن تشارك في الحكومة، وأن ما يقال عن رغبة ميقاتي في مشاركتها «هو مناورة تمهد للمجيء بوزراء هويتهم السياسية تؤشر الى السياسة العدائية التي ستتبعها الحكومة ضد الفريق الذي أُخرج من السلطة». وبينما دعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب محمد رعد الى «تشكيل حكومة شراكة وطنية» مع من «أخطأوا الحساب مرة أخرى فسقطوا»، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في بيان طويل أصدره أمس بعد ترؤسه اجتماعاً لقيادة «تيار المستقبل»، إن خروجه من السلطة «ليس وليد اللحظة التي أعلنت فيها نتائج الاستشارات النيابية، بل محصلة أمر عمليات خارجي جرى الإعداد له منذ اشهر وعملوا على تنفيذه بأدوات محلية». وأضاف الحريري: «كنا على بينة من تفاصل أمر العمليات هذا وتعاملنا معه منذ اللحظة الأولى باعتباره تعبيراً عن محاولة مُحكَمة للعودة بعقارب الساعة الى الوراء وفرض رؤساء الحكومات وسائر الرئاسات بقوة التدخل الخارجي والترهيب الداخلي». وكرر الحريري في بيانه تأكيد ما سبق أن ابلغه الى الرئيس ميقاتي أثناء لقائه به قبل يومين، فشدد على أنه «قطعاً لدابر أي تأويل أو تفسير أو تزوير أُعلن أن كل ما يتصل بما سمي س – س أصبح من الماضي ولا وجود له في قاموس سعد الحريري أو قاموس تيار المستقبل، وأي بناء على ما قيل وتردد ونشر وجرى تزويره أو تحريفه أو اقتطاع جزء منه هو في حكم المنتهي وغير الموجود». وأكد أنه «ليس هناك من ورقة أو بنود تتصل بعمل المحكمة الدولية وعلاقتها بالدولة اللبنانية جرى المصادقة عليها أو توقيعها». ودعا الحريري كوادر «تيار المستقبل» الى تدارس الاقتراحات مع الحلفاء «للاحتفال بالذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما كمناسبة لوحدة اللبنانيين». وركز على دعوة «كوادر وعناصر التيار الى عدم الانزلاق الى الخطاب الفئوي والمذهبي». وفيما أكد الحريري «أننا نحن أبناء الدولة ونحن حماتها»، كان الرئيس المكلف يواصل لقاءاته مع سفراء الدول الغربية لطمأنتها الى سياسته وتوجهاته في العلاقة مع المجتمع الدولي، في موازاة اتصالاته لتأليف الحكومة التي تردد أنها ستكون من 24 الى 30 وزيراً عرض بعض أسمائهم مع سليمان. والتقى ميقاتي أمس السفير الإيطالي جيوسيبي مورابيتو الذي نقل عنه رغبته في الحوار مع المجتمع الدولي، وأكد أن مهمة الرئيس المكلف «ليست سهلة والوسيلة الوحيدة لحل المشاكل هي الحوار». واجتمع مع السفيرة البريطانية فرانسيس غاي التي أكدت تمني حكومتها أن تحترم الحكومة الجديدة قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرارين 1701 و1757 المتعلق بالمحكمة الدولية. وأوضحت أوساط ميقاتي أن لقاءاته مع السفراء أظهرت تحسّناً نسبياً في نظرة هؤلاء الى توجهاته، في ظل القلق من لجوئه الى وقف تعاون لبنان مع المحكمة الدولية كما تطالب به قوى 8 آذار. وقالت مصادر ديبلوماسية إن ميقاتي شدد في لقاءاته مع السفراء على أنه لم يقدم أي التزام في هذا الشأن وأنه يعتبر أن أي أمر يتعلق بموضوع المحكمة يحتاج الى بته في إطار الحوار والإجماع، مع تغطية عربية له.