«إن ما قمتم به كشباب ليس مجرد محاكاة افتراضية وإنما تجربة رائدة يمكن ان تجعل منكم لاعبين اساسيين لتغيير حقيقي في العالم». بهذه العبارة المختصرة وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 24 آذار (مارس) الماضي كلمة شكر ودعم الى الطلاب الكنديين الذين انهوا اخيراً برنامج محاكاة الأممالمتحدة، منوهاً بدور الشباب الذين يشكلون اكثر من 18 في المئة من سكان العالم ومؤكداً انهم «بارومتر العصر وطليعة التغيير الديموقراطي». تجربة واعدة يشار في البدء الى ان برنامج محاكاة منظومة الأممالمتحدة في نيويورك هو جزء من نشاطاتها الشبابية الدولية. ويهدف الى اطلاع الطلاب على جداول اعمال الجمعية العامة وآلية النقاشات والمداولات والقرارات التي تتخذ داخل اروقتها. ويمنحهم فرصة الدفاع عن قضايا شعوبهم من خلال قيامهم بدور الممثلين الديبلوماسيين لبلدانهم. وتتولى مؤسسات حقوقية تأهيل الطلاب الجامعيين الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و28 سنة بثقاقة قانونية من خلال تزويدهم محاضرات حول عمل المؤسسات الدولية او الأقليمية والإحاطة بمبادئ القانون الدولي والمفاهيم الديبلوماسية وتقاليدها وتدريبهم على فنون الخطابة والحوار وأساليب الإقناع والتفاوض. ويشير فنسان برولو( 22 سنة) وهو طالب في قسم الحقوق في جامعة اوكام في مونتريال الى بعض الأدبيات الديبلوماسية المتبعة في برامج المحاكاة لدى الأممالمتحدة بقوله ان «الطلاب لدى ممارسة مهماتهم في الجمعية العامة يفقدون صفتهم الطالبية ويصبحون سفراء معتمدين لدولهم. يرتدون ألبسة بروتوكولية ويخصص لكل اثنين منهم مقعد ويستقبلون بكلمة ترحيب من رئيس الجمعية او نائبه ويتحدثون بإحدى لغاتها الرسمية». بعد الانتهاء من هذه المراسيم التقليدية ، ينقسم الطلاب البالغ عددهم 80 طالباً وطالبة الى لجنتين لمناقشة جدول الأعمال. ويدير كل لجنة رئيس او رئيسة ويعاونه محرر لتسجيل وقائع الحوار والنقاش اضافة الى تعيين بعض المستشارين والإعلاميين. ويبدي كل من ممثلَي اللجنتين وجهة نظره في كل قضية حيث يبقى النقاش مفتوحاً على احتمالات الموافقة او الرفض او التفاوض. وفي هذا السياق يقول المفاوض جاك ماثيو( طالب دراسات عليا في ماغيل قسم العلاقات الدولية):» تبرز المهارة الديبلوماسية لكل فريق في اقناع الآخر وتغيير موقفه او تعديله بغية حصول المشروع على اجماع الأعضاء او غالبيتهم المطلقة». اجندة إنسانية وتضمنت اجندة الطلاب الكنديين لهذا العام قضيتين: الأولى تجنيد الأطفال وهي برئاسة الطالبة في «معهد نوتر دام « فيكي تشيني. والثانية تدفّق اللاجئين السوريين وأطفالهم الهاربين من الحرب الأهلية ويديرها رئيس اللجنة الطالب شارل ميتيفييه من جامعة شربروك. وحول اختيار هذين العنوانين تقول المستشارة الإعلامية الطالبة ماري روز شاربونو «في معهد» استري»: اثناء الأبحاث التي كنا نجريها حول ابرز الأحداث المأسوية على المستوى العالمي، تم اختيار هاتين المسألتين اولاً لتنامي عدد الأطفال المجندين وبلوغهم وفقاً لإحصاءات الأممالمتحدة ( حوالى نصف مليون ) وتجاوز الأطفال السوريين المليونين، وثانياً لطابعهما الإنساني وتحريك الرأي العام العالمي لحماية الطفولة المعذبة التي تتعرض للموت والأمراض والانتهاك الجسدي والنفسي والجنسي». ورأت شاربونو ان الطابع الإنساني لقضية الأطفال فرض نفسه على مندوبي اللجنتين، ولم تجابه اي منهما، خلافاً لغيرها من المسائل الخلافية، باعتراضات تذكر، ما مهد الطريق لإحالتهما على الجمعية العامة والتصويت عليهما بالإجماع وإيداع مقرراتهما مكتب الجمعية وحفظها في ارشيفها الأممي.