تعدّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية لافتتاح بنك لليورانيوم في كازاخستان، غير أنها قد لا تجد له أي زبائن. وسيتم تخزين اليورانيوم الخام المستخدم في تصنيع الوقود النووي والقنابل الذرية في منشأة صناعية ترجع إلى العهد السوفياتي كان الأمن فيها يعتبر متراخياً لدرجة أنه تم نقل كل اليورانيوم العالي التخصيب الموجود فيها في عملية سرية أميركية عام 1994. وهدف الوكالة الدولية وهي تتهيأ لافتتاح بنك اليورانيوم المنخفض التخصيب في مدينة أوسكيمن، هو ذاته الذي كان هدف واشنطن قبل 23 سنة ويتمثل في منع الانتشار النووي. غير أن اليورانيوم هذه المرة لن يكون مخصباً بالدرجة التي يصلح معها للاستخدام في الأسلحة، وفي أفضل التصورات لن تكون هناك ضرورة لاستخدام البنك الذي تبلغ تكاليفه 150 مليون دولار. وسيتاح للدول الأعضاء في الوكالة «السحب» من اليورانيوم المنخفض التخصيب بأسعار السوق إذا اضطربت إمدادات الوقود لإحدى المحطات النووية بسبب «ظروف استثنائية»، غير أن البنك سيكون مثابة الملاذ الأخير. والهدف هو تثبيط همم الدول عن تخصيص الوقت والمال لتطوير تكنولوجيات التخصيب النووي التي قد تستخدم في تنقية اليورانيوم إلى درجات تصلح للاستخدامات العسكرية وكذلك ردع الدول عن محاولة الحصول على اليورانيوم بطرق غير مشروعة. وتريد الوكالة امتلاك وسيلة تكفل لها تحاشي نشوب نزاع جديد مماثل للخلاف على برنامج إيران النووي قبل توصل القوى العالمية إلى صفقة مع طهران للحد من أنشطتها النووية. وقال المدير المؤسس لمركز دراسات الطاقة والأمن في موسكو أنتون خلوبكوف عن البنك الجديد متسائلاً: «هل يضمن ألا تقيم دول جديدة منشآت للتخصيب؟ بالطبع لا ... لكنه يخلق حوافز إضافية لدول جديدة حتى لا تقيم منشآت تخصيب». وشاركت دول من بينها الولاياتالمتحدة في تمويل بناء بنك اليورانيوم في شرق كازاخستان على مسافة 1000 كيلومتر تقريباً من العاصمة آستانة، كما شارك البليونير الأميركي وارن بافيت بمبلغ 50 مليون دولار. وسيتم تخزين ما يصل إلى 90 طناً من اليورانيوم المنخفض التخصيب أي ما يكفي لتشغيل مفاعل يعمل بالماء الخفيف لتزويد مدينة كبيرة بالكهرباء لمدة ثلاث سنوات. وسيتم تشديد إجراءات الأمن. فسيكون للبنك محطة قطارات خاصة به وسيحيط به سور من الشباك المعدنية ارتفاعه نحو 3.5 متر ومزود بكاميرات للمراقبة الأمنية. وسيقام سوران بارتفاع ثلاثة أمتار حول المحيط الخارجي للبنك الأول من الخرسانة والصلب والثاني من الشباك المعدنية وأعلى كل منهما أسلاك شائكة. وسيطوف أفراد من الحرس الوطني بالأرض المحيطة بالبنك ومعهم كلابهم. وفي عام 1994 وبعد ثلاث سنوات من سقوط الاتحاد السوفياتي، خشيت الولاياتالمتحدة أن يتمكن مجرمون من سرقة اليورانيوم المخصب بنسبة 90 أو 91 في المئة المحفوظ في مخزن إما لبيعه لدولة تحاول امتلاك التكنولوجيا النووية أو استخدامه في تصنيع عبوة نووية. وفي شهري تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) من ذلك العام وبموافقة من الحكومة الكازاخستانية، قام فريق من الخبراء الأميركيين بتأمين 600 كيلوغرام من اليورانيوم المشع، وهي كمية تكفي لتصنيع 24 قنبلة نووية ونقلها في أمان إلى الولاياتالمتحدة. وساهمت تلك العملية المعروفة باسم «مشروع زفير» في بناء ثقة كازاخستان الجمهورية السوفياتية السابقة التي استقلت عام 1991 مع المجتمع الدولي ومهدت الطريق لقرار الوكالة الدولية إقامة البنك فيها. كذلك فإن كازاخستان تمثل خياراً منطقياً لأنها أكبر دول العالم إنتاجاً لليورانيوم. وسيتم تخزين سادس فلوريد اليورانيوم وهو مادة شمعية صلبة شديدة السمية تتراوح بين اللونين الأبيض والرمادي وتستخدم في عملية التخصيب، في 60 حاوية على شكل اسطواني. ولا يمكن تحويل هذه المادة مباشرة إلى وقود لأنها عملية تستغرق أشهراً.