لا يزال إرث الحرب الباردة يثقل على كازاخستان، بخاصة أنها ضمت أهم برنامج لتجربة الاسلحة النووية السوفياتية. وتأتي استضافة عاصمتها استانا لاعمال المنتدى الدولي «نحو عالم خالٍ من السلاح النووي»، في اطار سياستها للتخلص من تركة الحقبة السابقة وماضيها النووي. ناقش المنتدى الذي استمر يومين في النصف الاول من تشرين الاول (اكتوبر) الجاري، السبل نحو عالم خال من الاسلحة النووية، وجمع مسؤولين حكوميين ومشرعين وخبراء حظر الانتشار النووي من ستة وعشرين بلداً وثماني عشرة منظمة دولية. وعقد المؤتمر في منطقة تبعد 500 كيلومتر من موقع التجارب النووية السابق، في مدينة سيم بلاتينسك. تتفق معظم الدول على أن العالم أفضل من دون أسلحة نووية، ولكن الجهود المبذولة لحظر التفجيرات التجريبية طالت، فلم تصادق على معاهدة الحظر، تسع دول، من بينها الولاياتالمتحدة الاميركية. مواقع كازاخستان النووية وأجمع المشاركون في المنتدى على ضرورة الإسراع في المصادقة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، والإمتناع عن تجارب السلاح النووي، أو أية تفجيرات نووية أخرى، وعن أية إجراءات تفرغ المعاهدة من غايتها وأهدافها. حتى الآن، موقع كازاخستان هو الموقع الأرضي الوحيد في العالم الذي تم سحبه من الاستخدام في التجارب النووية، ويجري حالياً تجهيز بعض أجزائه للاستخدام السلمي، ولكن العديد من المناطق في مواقع الانفجار لا تزال خطرة. اقترحت كازاخستان استضافة بنك دولي لتخصيب اليورانيوم، تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نازارباييف: «حالياً هناك 40 دولة تقوم بأبحاث في المجال النووي السلمي، و15 تقوم ببناء او تنوي بناء مفاعلات نووية لاغراض سلمية، من بينها كازاخستان»، وأضاف: «لدينا امكانات علمية كبيرة، وبنيه تحتية تخضع لالتزامات دوليه دقيقة، ونقدم مستوى عالياً من الامن لجميع المرافق النوويه المدنيه». وتابع: «كازاخستان كانت وما زالت الشريك الأكثر ثقة في مجال عدم الانتشار ونزع الاسلحة، والاستخدام السلمي للطاقه النووية». واعتبر نازارباييف ان «الطريق الى عالم خال من الاسلحه النوويه امر مستحيل من دون اتحاد جميع العقلاء في العالم، اي من دون مشاركة عالمية ومن الاهمية بمكان انشاء حركة عالمية مناهضة للاسحلة النووية قوية وموثوق بها». وقال يوكيا امانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ل «الحياة» على هامش المنتدى الدولي إن «حكومة كازاخستان اقترحت إيداع احتياطي اليورانيوم المنخفض التخصيب لديها، وإننا ندرس حالياً هذا الاقتراح، من الناحية الفنية، ونأمل بأن نتمكن في المستقبل القريب من إعلان قرارنا». وأضاف: « بعد تحديد الوكالة البلد الذي سيكون مقراً لبنك الوقود النووي، ستوقع معه اتفاقية بهذا الخصوص، وبناء عليها سيتم شراء وتخزين هذا النوع من اليورانيوم». وأشار إلى أنه يجري إنشاء بنك الوقود النووي هذا للمرة الأولى، والى ان هذا الموضوع يستغرق وقتاً طويلاً، مضيفاً ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تود تنفيذ هذا العمل بصورة جيدة، والقيام بذلك في شكل تدريجي من دون استعجال. وأكد انه يجب عدم الخلط بين الاسلحة النووية، والمحطات النووية التي يمكن ان تستخدم لخدمة الانسانية». وعن تجربة الوكالة في العراق قال: «في العراق سابقاً كان هناك مسألتان، الأولى، عمل العراق على تنفيذ برنامج اسلحة نووية، وجرى ذلك في شكل سري، وتم تفكيكه، والثانيه تتمثل في ان الوكالة لم تعتقد بوجود اسلحة نووية لدى العراق، وهذا ما اعلنه المدير السابق للوكاله محمد البرادعي». وحول خطط الوكالة الدولية لمنع الانتشار النووي قال يوكيا امانو: «وماذا سنعمل في المستقبل لعدم الانتشار النووي، على دول المنطقه التي ليس لديها برنامج نووي التوقيع على جميع الاتفاقات، وضمان عدم الانتشار النووي، وان تكون جميع المنشآت للاستخدام السلمي. بعض الدول مثل كوريا االشماليه وايران لا تنفذ التزاماتها حيال الوكالة الدولية للطاقه الذريه، وعليها الالتزام والتعهد بضمان الامن». النووي الايراني وفي ما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، وهل تأكدت الوكالة الدوليه للطاقه الذريه من انه للاستخدام السلمي، قال ان الوكاله لا تستطيع التأكد من ان جميع المواد النووية المعلن عنها في ايران تستخدم للاغراض السلميه. وأضاف: «ولكن على ايران ان تتعاون معنا وان تحترم القرارات الدولية». وفي ما يخص سورية والموقع القريب من مدينة دير الزور والمشتبه بضمه مفاعلاً نووياً، قال ان «هناك لجنة خبراء ستزور سورية في شهر تشرين اول (اكتوبر) الجاري، وعلى اساس هذه الزيارة سيتم تحديد مستوى التعاون السوري. في السابق لم يتعاونوا، ولكنهم قالوا انهم سيتعاونون مع الوكاله الدولية». ونفى امانو ان يكون هذا الملف يستخدم لأي اغراض سياسية. وحول الترسانه النوويه الاسرائيليه قال: «نحن نحضر لبرنامج، وهناك خبراء من دول الحظر النووي لدينا لدعم انشاء منطقة حظر نووي في منطقة الشرق الاوسط». واختتم المنتدى اعماله، بإصدار «إعلان أستانا»، الذي يدعو إلى صوغ معاهدة متعددة الأطراف، سهلة المراقبة، وخالية من التمييز، حول حظر إنتاج السلاح النووي، وأية تجارب نووية أخرى، وإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وأكدت الوثيقة الختامية للمنتدى أنه حان الوقت لاتخاذ كل الدول التي تملك سلاحاً نووياً خطوات ترمي إلى تفكيكه التام في أقرب وقت ممكن.