عشية الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي، شنّت السلطات التركية حملة توقيفات طاولت عشرات من موظفي رئاسة الوزراء، إضافة إلى أكاديميين جامعيين، للاشتباه بصلتهم بالداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الفاشلة. وأوقفت قوات الأمن في أنقرة 43 من موظفي رئاسة الوزراء أمس، واقتادتهم من منازلهم في ساعة مبكرة للتحقيق معهم. كما أوقفت أجهزة الأمن في دياربكر جنوب شرقي تركيا، مسؤول إدارة الشؤون الدينية في قبرص التركية طالب أطالاي، الذي أتى زائراً صديقاً في جامعة دجلة ففوجئ بوجود قرار من المدعي العام في محافظة مرسين باعتقاله. تلا ذلك توقيف الشرطة 42 مدرساً وأكاديمياً في جامعتَي البوسفور والحضارات في إسطنبول، بينهم الأستاذ الجامعي الليبرالي المشهور إعلامياً كوراي شاليشكان، المعروف بمحاربته جماعة غولن منذ سنوات طويلة، والذي كان مستشاراً متطوعاً لرئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو، كما قال قيادي في الحزب. يأتي ذلك بعدما أصدر الادعاء العام مذكرات لتوقيف 72 أستاذاً في الجامعتين، بينهم 20 بروفيسوراً، للاشتباه باستخدامهم تطبيق «بايلوك» للرسائل الفورية المشفرة، والتي تعتقد السلطات بأن أتباع غولن كانوا يستخدمونه للتواصل في ما بينهم، علماً أن الجامعتين شهدتا تظاهرات طالبية مناهضة لرئيسيهما اللذين عيّنهما الرئيس رجب طيب أردوغان. في غضون ذلك، زار كيليجدارأوغلو النائب عن حزبه أنيس بربرأوغلو، والذي يمضي في إسطنبول حكماً بالسجن المؤبد لإدانته بكشف أسرار دولة، بعد تسريبه صوراً لأسلحة كانت أجهزة الاستخبارات التركية ترسلها إلى جماعات مسلحة في سورية. وقال أمام السجن: «المحاكم لا توزّع العدل على الناس، الآلاف مسجونون من دون ذنب أو دليل في تركيا. العدالة دينت وسُجنت». وأكد أن حزبه سيتابع مساعيه من أجل «قضاء عادل ومستقل»، منبّهاً إلى أن سجن مواطنين «ظلماً» سيُحدث «جروحاً عميقة» في المجتمع. وأشار إلى أن بربرأوغلو يكتب مذكراته، مؤكداً أن معنوياته مرتفعة وأنه يتابع سير استئناف الحكم الصادر في حقه. وكان كيليجدارأوغلو أنهى الأحد مسيرة طويلة مشياً من أنقرة إلى إسطنبول، دامت 25 يوماً دعماً لبربرأوغلو واحتجاجاً على النظام القضائي في تركيا. وقال مخاطباً حشداً قُدِر بحوالى 1.5 مليون شخص: «لماذا نظمنا المسيرة؟ من أجل العدالة غير الموجودة. سرنا من أجل حقوق المضطهدين، والنواب والصحافيين المسجونين، والأكاديميين الذين طُردوا من الجامعات». وتعهد «هدم جدران الخوف»، قائلاً: «نعيش في عهد ديكتاتورية». وتابع: «نريد رفع حال الطوارئ، وأن تبقى السياسة خارج القضاء والثكنات والمساجد. نريد قضاءً محايداً ومستقلاً، وتركيا لا يُسجن فيها الصحافيون». واستدرك: «هذه المسيرة كانت خطوتنا الأولى. آخر يوم في مسيرة العدالة بداية جديدة، خطوة جديدة، تاريخ جديد». وضمن الاستعدادات لإحياء الذكرى الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة، منعت النمسا وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي من دخول أراضيها، معتبرة أن زيارته تشكّل «خطراً على النظام العام والأمن في النمسا»، إذ كان سيشارك في تجمّع يحيي تلك الذكرى. وعلق زيبكجي قائلاً: «لم نطلب إذناً لإحياء ذكرى المحاولة الانقلابية هناك، ولم نخطط لأي شيء، ولكنْ طبعاً لقائي مواطنين أتراكاً في النمسا أمر طبيعي لا يحتاج إذناً من سلطاتها». وفي إطار الاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2019، يسعى قياديون انشقوا عن حزب «الحركة القومية» إلى تشكيل حزب جديد بزعامة ميرال أكشنار. لكن رئيس حزب إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني سيقدّم اليوم أوراقه لوزارة الداخلية التركية من أجل فتح فرع للحزب في تركيا، والعمل باسم «الحزب الديموقراطي الكردستاني في تركيا»، وهي خطوة يراهن عليها أردوغان لاستمالة أصوات الأكراد، والتي خسرها بسبب عدائه ل «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي.