يتابع زعيم المعارضة التركية كمال كيليجدارأوغلو مسيرة احتجاج سلمية طويلة، مشياً على الأقدام، رافعاً شعاراً يطالب بالعدالة، على رغم مواجهته عراقيل. وانطلق كيليجدارأوغلو من أنقرة قبل 18 يوماً، على أمل بالوصول إلى إسطنبول بعد أسبوعين، في الذكرى الأولى للمحاولة الإنقلابية الفاشلة، احتجاجاً على حكم بسجن نائب من حزبه 25 سنة. ولعلّ كيليجدارأوغلو لم يكن يتوقع أن تحظى مسيرته التي استوحاها من الزعيم الهندي غاندي، بكل الدعم الذي نالته شعبياً، وأن تحرّك مياهاً راكدة في صفوف المعارضة، وأن تسبّب أيضاً إزعاجاً شديداً للحكومة وللرئيس رجب طيب أردوغان. ينضمّ أحياناً مواطنون إلى المسيرة، للمشاركة فيها ولو ليومٍ. كما تضمّ أحياناً أكثر من 20 ألف مشارك، علماً أن المنخرطين فيها رفعوا علماً تركياً طوله كيلومتر، ما قد يقلّص حركة المرور في المناطق التي تعبرها المسيرة. وأعلن كيليجدارأوغلو أنه يمتلك معلومات تفيد بأن حزب «العدالة والتنمية» أعدّ استطلاع رأي لدى ناخبيه، في شأن رأيهم في مسيرة «العدالة» التي ينظّمها، مشيراً إلى أن غالبية الآراء المُستطلعة أيّدت المسيرة، معتبرة أن وضع المحاكم والقضاء في تركيا بات مزرياً. ولم ينفِ الحزب الحاكم هذه الأنباء، لكن هجوماً يشنّه مسؤولون ووزراء على مسيرة المعارضة يشير إلى مدى الانزعاج الذي تسبّبه للحكومة. فأردوغان هو أكثر المنتقدين لها، وكرّر اتهامه المعارضة بدعم إرهابيين وانفصاليين وجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، إذ قال خلال لقائه كوادر في «العدالة والتنمية»: «هذه المسيرة تسير في طريق الإرهابيين والانفصاليين وجماعة غولن». وتعرّضت المسيرة لمحاولات اعتداء من موالين للحكومة، ولمحاولات قطع طرق. ومن العوامل التي أنجحتها، رفض كيليجدارأوغلو رفع شعارات حزبية فيها، سوى طلب العدالة، ما أتاح لكثيرين من أحزاب المعارضة المشاركة فيها من دون تمييزهم. واعتبر مراقبون أن كيليجدارأوغلو وجد طريقه أخيراً إلى الشارع الذي رفض النزول إليه سابقاً، منظماً تظاهرات احتجاج، خشية أن تستغلّ الحكومة ذلك وتتهمه بإثارة قلاقل خلال فرض قانون الطوارئ. إلى ذلك، أكد قياديون انشقوا عن حزب «الحركة القومية» سعيهم إلى تشكيل حزب جديد قبل نهاية العام، قد تتزعّمه ميرال أكشنار. وأشاروا إلى أن الحزب لن يكون قومياً، بل يمينياً، ليتسع لطيف أكبر من المعارضين لسياسة الحكومة ورئيس «الحركة القومية» دولت باهشلي المتحالف معها. ويبدو أن المعارضة التركية بدأت تبدّل أساليب عملها وتُحدث تقارباً في ما بينها، على رغم اختلاف أطيافها، اليساري والقومي واليميني، من أجل مواجهة ترشّح أردوغان لانتخابات الرئاسة المرتقبة عام 2019، على رغم حرمانها من موارد مالية ودعم إعلامي تحظى به الحكومة. ويبدو التيار الكردي مشوّشاً حتى الآن، بسبب سجن قياديّيه وعلاقته، في شكل أو آخر، مع «حزب العمال الكردستاني»، ما يدفع بقية المعارضة إلى تجنّب الظهور معه في الصورة ذاتها.