جلوي بن عبدالعزيز يعتمد هيكل الإعلام والاتصال المؤسسي بإمارة نجران    جامعة الملك سعود توقع حزمة اتفاقيات عالمية في مؤتمر مبادرة القدرات البشرية    سمو وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية سوريا    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية ترعى سباق فورمولا 1 للعام الثالث على التوالي    الزعيم يطارد 4 عالميين    "الشورى" يقر نظاماً مقترحاً لرعاية الموهوبين    سلمان بن سلطان يطلق مهرجان الثقافات والشعوب    أمير الرياض يرأس اجتماع مجلس أمناء جائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع    تقدير الذات    الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية.. مستقبل واعد    مفاوضات أميركية فورية بشأن الرسوم مع كوريا واليابان والهند    الأمم المتحدة تدين الهجمات على مخيمات النازحين بالسودان    الذهب الإلكتروني لجامعة سعود    «حماس» توافق مبدئيًا على توسيع صفقة الأسرى.. انفراجة محتملة بالمفاوضات    جولة جديدة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران في روما    زيلينسكي يدعو الرئيس الأميركي لزيارة أوكرانيا    محاربو تيجراي القدامى دون رعاية صحية كافية    الشيخ عبدالله بن حامد.. حكمة الجبل ونبض القبيلة في قلب الوطن    تدشين مبادرة مهارات المستقبل ضمن الشراكة السعودية - البريطانية    الاستثمار في التعليم والتدريب .. مفتاح نهضة الصناعة السعودية    "الداخلية" تُعلن ترتيبات وإجراءات تنظيمية استعدادًا لموسم حج 1446 ه    وفد رسل السلام يزور مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    القبض على مواطن لتكسيره زجاج مواقع انتظار حافلات في الرياض    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    كارلو أنشيلوتي على رادار الأندية السعودية    الصبّان رئيس اتحاد التايكوندو المكلّف: المرحلة انتقالية والمسؤولية مضاعفة وتضافر الجهود مطلب    جمعية مرفأ للخدمات الأسرية بجازان تستقبل مفوض إفتاء عسير    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يحصدون 8 جوائز في معرض جنيف الدولي للاختراعات    وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    تحت رعاية خادم الحرمين .. الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تنظم النسخة ال5 من المنتدى الدولي للأمن السيبراني أكتوبر المقبل    ترخيص 71 منصةً عقاريةً إلكترونية    محافظ الطائف يشارك لاعبي المنتخب السعودي تحت 17 سنة فرحتهم بالتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا 2025    لعل وعسى    أمانة الطائف تحوّل موقع مهمل إلى رئة جمالية جديدة .    أمّ القرى ترتقي بمنجزاتها على منصّات التتويج الدولية 2025    أمير تبوك يقلد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة    تجمع الباحة الصحي يشارك في قافلة التنمية الرقمية    فريق طبي ب "تجمع الباحة الصحي" يشخّص حالة طبية نادرة عالميًا    ضغط عسكري متزايد على آخر معقل للجيش في دارفور.. الدعم السريع يصعد في الفاشر ويستهدف مخيمات النازحين    لبنان دولة واحدة تمتلك قرار السلم والحرب    أسرة العساكر تحتفي بزواج خالد    التعامل مع الأفكار السلبية.. تحرير العقل وكسر قيود الذات    لكل المشكلات في القرآن كل الحلول    مدير فرع الهلال الأحمر يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية    أمانة جدة تصادر 30 طنًا من الفواكه والخضروات    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    وقفات مع الحج والعمرة    "محراب" أول قائد كشفي يرتدي الوشاح الجديد لكشافة شباب مكة    في انطلاق الجولة29 من" يلو".. النجمة للمحافظة على الوصافة.. والطائي للتعويض    اجتماع أمني رفيع بين العراق وتركيا لبحث التنسيق الأمني    بلدية محافظة الرس تطرح 13 فرصة استثمارية في عدة مجالات متنوعة    "ترند" الباراسيتامول يجتاح أمريكا وأوربا    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    









إشعاعات البيولوجيا السياسية
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 2011

من المستحيل أن تكون الحكومة ثورية لأنها حكومة... هكذا تحدث باكونين، وإذا كان محتكر الخبز هو محتكر الحريات، فإن الشعوب تتبوأ مقامات الثورة طلباً لهذا الخبز المقدس مطيحة بأشواط الكبت التي تجرعت مرارتها طويلاً، تواقة لتلك الحرية المعلنة عن وجود الذات المجتمعية المطلة من طرف خفي تتسول النظرة من الأنظمة السياسية التي تعصف دائماً بآمالها وطاقاتها لتظل قابعة حتى لو كانت مهددة بلحظة المواجهة والانفجار التي تخلخل وتقوض سطوتها مهما بلغت من الديكتاتورية والنرجسية المنسحقة دائماً - في إطار السنن التاريخية - أمام الطوفان! ولقد اجتاحت موجات الغضب الجماهيري المتصاعد - حتى إنها قد أطاحت بالنظام الحاكم بأكمله - جنبات بلد كتونس ليس لأسباب تحمل من الخصوصية المحلية ما يدفع نحو تحليلها في إطار طبيعتها وظروفها وخلفيتها ولكن لأسباب تحمل من العمومية الإقليمية ما يدفع نحو الوقوف على أوضاع وتأزمات الشعوب العربية بأسرها، إذ تمثل وإلى حد بعيد قواسم مشتركة تحمل في طابعها نمط السياق العام، فليست المشكلات التي تكيفت معها المجتمعات العربية واستمرأتها سبباً مباشراً في إحداث تلك الأزمة وإنما حدة هذه المشكلات وقسوة وطأتها وتحولها إلى نوع من السخف الاجتماعي، حتى أصبحت هذه المجتمعات تعايش آفات متأصلة تتمتع بنوع من الثبات النسبي على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والاستراتيجي والمعرفي ويمكن اختزالها في تصاعد معدلات الفقر والبطالة وانخفاض وتراجع معدلات التنمية وشيوع المظالم وانهيار المنظومة التعليمية والتخلف الثقافي والرجعية الحضارية وقمع الحريات وسحق الديموقراطية وغياب الرؤية المستقبلية.
ولعلها وعلى إجمالها كانت إحدى البواعث المحركة للانتفاضة التونسية والتي ساقها حماسها وغليانها نحو ضرورة إحداث تغييرات جذرية على الأصعدة والأبعاد كافة وألجأت النظام إلى محاولات احتواء الأزمة واستقطاب فئاتها من طريق الاستجابة الفورية لمطالب الشرائح المهمشة وليس من طريق توظيف الآلة البوليسية والهياكل الأمنية وهو ما يجعل من أعواد الثقاب قنابل موقوتة أبادت تلك السلطة المتآكلة وعصفت بذلك الانفلات السياسي الممجوج خارج البلاد. وليست هذه الانتفاضة كتلك التي كانت أثناء ثورة الخبز منذ ربع قرن أو الثورة النقابية منذ عقدين أو الانتفاضة المسلحة بسليمان وغير ذلك، لكن الأنظمة السياسية العربية دائماً وأبداً لا تعتبر بمبدأ التوظيف والاستفادة من التجارب التاريخية للشعوب والذي ربما مثّل غطاء استراتيجياً للحفاظ على وضعيتها، لكن أيضاً هل يمكن اعتبار أن الحادث في تونس هو من قبيل الأشياء العابرة التي لا تستوقف عالمنا العربي أم تعتبر أنه مستصغر الشرر الذي أتى على الأخضر واليابس؟ وهل كان احتكاك الجهاز الشرطي مع الشاب بائع الخضار هو القشة التي اعتمدتها الثورة الشعبية كركيزة لانطلاقاتها؟ أم إن انطلاقها الفعلي كان على أثر الدلالة البالغة من الإقدام الجسور للشاب على إحراق نفسه؟ وهل كانت بانوراما الفضائح المنشورة في كتاب «حاكمة قرطاج» للفرنسيان «نيكولا بو» و «كاترين جارسيه» - والممنوع من التداول - هي حجر الزاوية أو محور الثورة الشعبية ضد النفوذ العريض لقرينة الرئيس التونسي؟ وهل مثل كل ذلك أو بعضه نوعاً من عدوى الشعور كانت لها امتدادات في الأقطار الأخرى كالجزائر والتي تطابقت مشكلاتها مع مشكلات الشقيقة تونس؟ وهل كانت الأوضاع العامة للشعب الجزائري في حاجة إلى شرارة تونس؟ وهل هو التفاعل الحميم أم إنه الاستفزاز النبيل الذي دفع بالجزائريين نحو إعلان المطالب وتأكيد الحقوق على الغرار نفسه؟ وهل يمكن الشرارة التونسية المتوهجة أن تنتقل عبر عالمنا العربي في الشكل الذي ينصف الشعوب من الأنظمة؟ وهل يمكن أصحاب الثروات في عالمنا العربي أيضاً أن يخوضوا مغامرة الولوج لحقل العمل الاجتماعي مؤازرة للأنظمة والشعوب أيضاً؟ وماذا تعني بالنسبة لهم تجربة «محمد يونس» صاحب بنك الفقراء وتجربة «بيل غيتس» بكل تبرعاته للأعمال الخيرية في الكثير من الدول من أجل سيادة العدل الاجتماعي والمساواة؟
ان الهياكل السياسية العربية ليست إلا منظومة حيوية تؤثر وتتأثر بعضها ببعض ولها ارتباط عضوي وظيفي يقترب بها من ميدان البيولوجيا وقوانينه ونظرياته المشيرة إلى أن الكائنات والأحياء المتشابهة لا يكون العدوان بينها إلا استثناء، كما أن هذه الكائنات إنما تتغذى وتقيم أودها أحياناً على كاهل غيرها لكنها لا تأكل ذاتها بحال، لذا فستظل تلك الهياكل لتعصم نفسها من ويلات النهاية في حاجة ملحة دائماً لذلك المشروع القومي العربي المتوازن الذي يؤلف بين ذواتها ويجعلها كلاً موحداً بدلاً من كونها كثرة كغثاء السيل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.