بعدما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام ب «هجوم» الممثلة وأستاذة المسرح عايدة صبرا على نجمات الدراما اللبنانية وبردّ الممثلة نادين الراسي المضادّ، جَمَع برنامج «حديث البلد» الذي تقدمه الإعلامية منى أبو حمزة على قناة «أم تي في» (أوّل من أمس) الطرفين المتنازعين ليكون لقاؤهما نقطة تُحسب لحلقةٍ أتاحت للمشاهد فرصة أن يتابع مواجهة فنية من نوع خاص. يبدو أنّ نيّة استضافة نادين وعايدة كانت موجودة سابقاً، للحديث معهما حول أعمالهما الجديدة كما يفترض قانون البرنامج. نادين هي بطلة «ورد جوري» الذي عُرض في شهر رمضان (ال بي سي)، وصبرا تُطلق فيلمها الجديد «المسافر» مع الممثل رودريغ سليمان (إخراج هادي غندور). لكنّ الضجة التي أثارها كلام عايدة صبرا عن الدراما و «سيّداتها» الثلاث (نادين الراسي، نادين نجيم، سيرين عبد النور) جاء ليجعل من لقائهما سَبَقاَ نجحت منى أبو حمزة (وفريق البرنامج) في اقتناصه. منذ الإعلان عن أسماء الضيفتين، راح المشاهد- العارف بالقضية طبعاً- يسأل عن شكل هذا اللقاء. كيف سيكون شكل الحوار؟ هل تخرج نادين قبل أن تدخل عايدة؟ بماذا ستعلّق عايدة على ردّ نادين التي نَسبَت تطور الدراما اللبنانية إليها وإلى زميلاتها الجميلات؟ لكنّ نادين الراسي، التي خرجت قبل فترة من أزمة شخصية تعرّضت لها عقب نشر صور حميمة لها مع طبيب أسنان مشهور ومتزوّج، بدت أكثر «طيبةً» وتسامحاً مع الجميع (زميلاتها، جويل حاتم، الصحافيون). وما إن دخلت عايدة صبرا إلى الإستوديو حتى راحت نادين الراسي تحتضنها وتعترف بأنها أستاذتها التي درّبتها في تجارب مسرحية سابقة وتحبّ أن تسمع رأيها لعلها تطوّر نفسها أكثر. والمفارقة أنّ هذه القناعة، لو كانت ثابتة فعلاً لديها، لمنعتها من كتابة ردّ قاسٍ تُلقي فيه تبعة فشل الدراما على عاتق أساتذة وتُنسب نجاحها اليوم إليها وإلى زميلات لها تتساوى معهن في الموهبة والمعرفة. وعلى رغم أنّ عايدة صبرا أرادت أن تكون خلال الحلقة أقلّ حدّة، فهي لم تتراجع عن رأيها، وأصرّت على تبرير تصريحها الذي وُصف ب «الناري»، مع أنه يتردّد مئة مرّة على ألسنة النقاد و المشاهدين العاديين ممّن يتابعون الدراما اللبنانية ويدركون مواطن ضعفها البيّنة. وأكدّت «الستّ نجاح» (أجمل أدوارها) أنّها لم تشنّ «هجوماً» على الممثلات اللبنانيات، ولم تقل إنهن فاشلات في التمثيل ولكنّهن غير قادرات على فهم الشخصية من الداخل وإخراج انفعالاتها اللازمة، ما يجعلهنّ مسجونات داخل صورة ثابة لا تتغيّر باختلاف الأدوار وتبدلها. وأوضحت أنّ هذا الأمر لا يتحقّق بجهد المخرج والمؤلف فقط، لأنّ من حتميات الدراما أن يُذاكر الممثل دوره ويجتهد وحده في التقاط خيوط الدور والإمساك بمفاتيح الشخصية وأبعادها. أرادت نادين الراسي أن يكون اجتماعها بعايدة صبرا أشبه بلقاء التلميذ بأستاذه، لكنّ نادين وأخواتها ما كنّ يوماً تلميذات في معهد للمسرح أو الفنون، لذا فإنهن عاجزات عن التفريق بين النقد والهجوم وبين النصيحة والغيرة وبين الفنّ والنجومية. عايدة صبرا لم تأت بكلام جديد. نقلت ما يقوله المشاهدون العاديون في بيوتهم، ولكن بأسلوب أكاديمي منمّق. الدراما عند نادين الراسي أن تذرف دموعاً حين يتطلّب المشهد بكاءً، وأن تكسر يداً أو قدماً حين يُطلبُ منها السقوط، وأن تخسر صوتها حين يلزم الأمر صراخاً. لكنّ الدراما التي تتطلّع اليها عايدة صبرا، ومن خلفها المشاهدون والنقاد، هي ممثّلون (وممثلات) لا يلعبون دورهم بوجوههم، وإنما بوجوه شخصياتهم. الدراما اللبنانية تحتاج إلى ممثلين قادرين على الانتقال ببراعة ووعي من شخصية إلى أخرى ومن دور إلى آخر، فيذكر جمهورهم الشخصيات التي أدّوها وحين يفتّش الجمهور عنهم في أعمال أخرى يراهم ممثلين آخرين بعيونٍ جديدة وابتسامات مختلفة.