تباينت ردود أفعال أهالي القرى الواقعة ضمن نطاق منطقة الأنشطة الزلزالية والثورانات البركانية في مدينة العيص أمام سلسلة تطمينات الجهات الحكومية بزوال الخطر وعودة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وعلى رغم تفشي حال الطمأنينة نسبياً بين أوساط النازحين، إلا أن قناعات أولئك الأهالي بحقيقة الوضع شابها الكثير من الاختلافات. بداية كشف «الستيني» مطلق المرواني أن الأوضاع على أرض الواقع تخالف جميع التصريحات التي تطلقها الجهات الجيولوجية والأمنية، «على رغم أن جل القائمين على القطاعات الحكومية المشاركة في «مهمة العيص» يؤكدون زوال الخطر تمهيداً لعودة الأمور إلى نصابها، نجد أن أعداد المشاركين في ازدياد مستمر والآليات في ازدياد حتى ثلاجات الموتى تم استقطابها أخيراً، وهذا لا يتناسب حقيقة مع التصريحات التي تقرأ وتسمع وترى في مختلف وسائل الإعلام المحلية». وقال: «توقعنا أن يتم سحب بعض القوات إلا أن زيادتها المستمرة، وإضافة العدة والعتاد إليها أقحمتنا في حال من الهلع والقلق المستمرين»، كاشفاً أن تلك الريبة أجبرتهم على تتبع حقيقة الأوضاع والمستجدات المتوقعة في المنطقة، بعيداً عما ترويه وسائل الإعلام السعودية فلجأوا إلى الإذاعات العالمية». وأضاف «تركت مخيمات الإيواء وهجرت قريتي وأرسلت عائلتي إلى المدينةالمنورة بينما توجهت بماشيتي إلى الصحراء التي أعرفها جيداً، واكتفيت بقليل من الزاد وجهاز المذياع، إضافة إلى قطعة من القماش أفترشها حين النوم، وسأظل هنا حتى تظهر لي حقيقة الوضع». ويخالفه الرأي هويدي صيتان الذي أكد أن موجة التطمينات أدخلته وأسرته في حال من السرور والسعادة إبان إقامتهم في أحد مخيمات الإيواء. مشيراً إلى أنهم باتوا يترقبون رفع الحظر بغية العودة إلى منازلهم وحياتهم الطبيعية. واستبشر المواطن ردة الجهني، خيراً، بتلك التطمينات التي ولدت لديه قناعة بتلاشي الخطر، تقضي بضرورة العودة إلى قريته والمكوث في منزله ليرعى مواشيه بغض النظر عن مطالبات الجهات الأمنية لسكان القرى «المجلية» بضرورة التريث قبيل العودة إلى منازلهم كون الحظر لا يزال مستمراً. وحزم الجهني صباح أمس أمتعته وزاحم أفراد أسرته ال 12 داخل سيارته من نوع «جيب» قبل أن ينطلقوا في مشوار العودة إلى منزلهم العتيق في قرية العيص. وعند مدخل القرية منعته قوات الأمن المنتشرة هناك من الدخول بصحبة عائلته بحجة أن الحظر لا يزال سارياً، ومنحوه استثناء يمكنه من العودة بمفرده لإطعام ماشيته. وبعد سلسلة من المداولات غادرهم الجهني قبل أن يلتف من أحد الطرق الفرعية ليدخل القرية من أحد المداخل الجانبية الأخرى. وأمام منزله العتيق توقف «الجيب» وبدأ نزول أفراد الأسرة، إلا أن مرور دورية أمنية تجوب الحي لحراسته من أيدي العابثين أشعل فتيل الأزمة من جديد، فتجمهر حوله رجال الأمن الذين شددوا على منع العودة إلى المنزل والإقامة داخله، كون الأوضاع لم تستقر حتى الآن ولم يصدر توجيه بفتح المدينة أمام سكانها من جديد. حينها أمر الجهني ابنه محمد بالعودة إلى ينبع مصطحباً أفراد العائلة وبقي وحيداً داخل العيص، مؤكداً أنه لن يبارحها تحت أي ظرف، وسرح بماشيته ليطعمها قبل أن يكشف ل «الحياة» أنه قرر العودة ليلاً إلى المنزل حيث سيبيت ليلته الأولى داخل العيص، ضارباً بكل التحذيرات والمطالبات عرض الحائط.