غادر رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي تل أبيب أمس، بعد «زيارة تاريخية» لأول رئيس حكومة هندية لإسرائيل حاملاً في جعبته «حب الهند العظيم لنجاح شعبكم في التغلب على الصعوبات خلافاً لكل التوقعات، واستناداً إلى مبادئ ديموقراطية قام برعايتها بالعمل الجاد وروح الابتكار»، فضلاً عن توقيعه على سبع اتفاقات تؤكد تعزيز العلاقات بين البلدين في شكل غير مسبوق، في مختلف المجالات. وحرص رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من جهته، على أن يكون استقباله «لصديقي الحميم» استثنائياً، «كما يليق بزيارة استثنائية، تاريخية لرئيس أكبر ديموقراطية في العالم للدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، كما قال قبل وصوله. وليس من باب المبالغة القول إن الاستقبال الرسمي الحافل بالحفاوة لرئيس حكومة الهند، كاد يوازي استقبال الدولة العبرية للرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته القصيرة لها قبل أقل من شهرين. إذ تفرغ نتانياهو من كل انشغالاته ليرافق ضيفه في جميع محطاته، إحداها أمس على شاطئ البحر في الطريق بين تل أبيب وحيفا حيث خلعا حذاءيهما وسارا على الشاطئ يتجاذبان بدفء كبير أطراف الحديث، ثم شاهدا منشأة متحركة لتحلية مياه البحر. واهتم مكتب نتانياهو ببث الصور من هناك كأنه يقول أن الزعيم الهندي «ابن بيت» في الدولة العبرية. وقال وكيل وزارة الخارجية إن قرار نتانياهو إلغاء جدول أعماله ليكون إلى جانب ضيفه كل الوقت خلال زيارته، «مؤشر للاهتمام الكبير من طرف رئيس الحكومة بضيفه. ومثل هذا الاهتمام محفوظ عادة للرؤساء الأميركيين فقط». كما اهتمت أوساط نتانياهو بالإشارة إلى أنه منذ انتخاب مودي لمنصبه قبل ثلاث سنوات شهدت العلاقات تحولاً كبيراً، «خصوصاً لجهة عدم التصويت الفوري للهند ضد إسرائيل في المحافل الدولية المختلفة»، وحقيقة أن مودي جاء إلى تل أبيب من دون أن يعرّج على رام الله كما يفعل زعماء العالم. كذلك خلا البيان المشترك بعد لقائهما من أية إشارة إلى حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، علماً أن الهند كانت أول دولة غير عربية أو مسلمة تعترف بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة. وشدد مودي في تصريحاته على العلاقة المتوطدة في السنوات الأخيرة بين بلاده وإسرائيل التي وصفها بأنها «صديق حقيقي» للهند، واصفاً زيارته بأنها «رحلة لإطلاق مسار جديد في العلاقات بين البلدين»، وأن الهند تعتبر إسرائيل شريكة مهمة في حاجتها الى اعتماد تكنولوجيا متطورة ولضمان نمو مستدام، مضيفاً أنه سيتم بناء شراكة لنمو اقتصادي وتعزيز التعاون مع إسرائيل في مجالات متعددة تشمل تكنولوجيات المياه والزراعة، و «للتعاون بين شعبينا في مواجهة تهديدات الإرهاب». وقال نتانياهو في أعقاب لقائه الرسمي مع ضيفه، أول من أمس: «لدينا تحدٍّ مشترك في مواجهة قوى الظلام والإرهاب، واتفقنا على التعاون أيضاً في هذا المجال»، ليرد عليه مودي بحرارة بالقول: «أجرينا محادثات مثمرة للغاية حول مواضيع متنوعة، وكيف يمكن العلاقات بيننا أن تساهم في السلام والاستقرار العالميين». وأضاف أنه اتفق مع نتانياهو على القيام بالمزيد من التنسيق «من أجل حماية المصالح الاستراتيجية المشتركة للدولتين ومحاربة التطرف المتنامي أيضاً في الفضاء الإلكتروني». ووقع مودي على سبع اتفاقات، ثلاثة منها في مجال الفضاء، واثنان في مجال المياه وأخرى في مجال الزراعة، وسابع لإقامة صندوق للأبحاث والتطوير والابتكارات في مجالات المياه والزراعة والأمن والطاقة بقيمة 40 مليون دولار. وكانت الهند وقعت قبل شهر على أكبر صفقة مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية بقيمة بليونيْ دولار شملت تطوير وبيع وإنتاج الصواريخ والطائرات من دون طيار ونظم رادار، وتزويد الجيش الهندي بمنظومات دفاع جوية وصاروخية متوسطة وأخرى بعيدة المدى. وتعتبر الهند أكبر زبون للصناعات العسكرية الإسرائيلية إذ باتت الأخيرة ثالث أكبر مصدّر للأسلحة إلى الهند بعد روسيا والولايات المتحدة. يذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تضاعف عشرين مرة خلال ربع قرن من إقامة العلاقات بين البلدين وقفز من 200 مليون دولار عام 1992 إلى 4.17 بليون العام الماضي.