انضمت أجهزة حكومية إلى المبادرات الأهلية المتعلقة ب«الرفق بالحيوان»، وإن كانت هذه الثقافة موجودة لدى السعوديين منذ القدم، ولكنها تمظهرت في العقد الأخير على يد شباب انتظموا في أنشطة تطوعية لرعاية الحيوانات والطيور، قبل أن تلتحق بهم الأجهزة الرسمية قبل حوالى أربعة أعوام. وجاءت الجهود الرسمية التي تقودها الهيئة السعودية للحياة الفطرية ووزارة البيئة والمياه والزراعة، في ظل تنامي ظاهرة تعذيب الحيوانات وتوثيقها ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار صدمة في المجتمع، إضافة إلى انتهاكات أخرى مثل بيع الحيوانات المريضة، والمهددة بالانقراض، وسوء تغذيتها. وأقامت وزارة البيئة والمياه والزراعة ممثلة بفرع الزراعة بمدينة الرياض الأسبوع الجاري معرضاً لسكان العاصمة للمرة الأولى لتفعيل دور الرفق بالحيوان بعنوان: «الرفق بالحيوان مسؤولية الجميع»، وأوضح مدير فرع الزراعة بمدينة الرياض المهندس فهد الحمزي أن المعرض يستهدف جميع شرائح المجتمع من الأسرة والأطفال والمهتمين بالرفق بالحيوان والأخصائيين في مجالات البيئة والثروة الحيوانية ونشر تفعيل مبدأ الرفق بالحيوان بالمنطقة سواء في مجال الجهات الخدمية التابعة بالوزارة من العيادات البيطرية وغيرها أو القطاعات الخاصة بالمستثمرين، كمشاريع الإنتاج الحيواني والدواجن والمنشأة البيطرية الخاصة وتطبيق قانون «نظام» الرفق بالحيوان لدول مجلس التعاون الخليجي. وبيّن الحمري أن دور الرفق بالحيوان لا يقتصر على ضبط المخالفات الخاصة بالإساءة إلى التعامل مع الحيوانات وعدم توفير البيئة المناسبة لها، سواء على مستوى المنشأة أم الأفراد، ولكن من أهم تلك المهمات التي نص عليها قانون الرفق بالحيوان هي التوعية والإرشاد للمجتمع بإقامة المعارض والورش الإرشادية التي تفعل دور الرفق بالحيوان في إيصال الأهداف التي يسعى لها، وذلك لإيصال رسالة هادفة. وأنهت جهات حكومية في وقت سابق الشهر الماضي حملة تفتيش على سوق الحمام في العاصمة الرياض، أسفرت عن ضبط حيوانات عدة «لحمايتها من الأذى»، نظراً إلى حالها الصحية «السيئة» وهرب أصحابها. وصادرت الهيئة السعودية للحياة الفطرية حيوانات محظور تداولها، نظراً إلى تعرضها للانقراض. وأوضح المدير العام لفرع وزارة الزراعة في الرياض المهندس فهد الحمزي أن الحملة تهدف إلى «التأكد من تطبيق معايير الرفق بالحيوانات، وتوعية الباعة والرواد بأهمية الالتزام في تلك المعايير، ومعالجة المخالفات». من جانبه، أكد المدير العام للصحة والرقابة البيطرية في وزارة الزراعة الدكتور علي الدويرج أن أبرز المخالفات المتعلقة بالرفق بالحيوان، هي: المتاجرة بحيوانات مريضة، والإهمال وسوء التغذية، وتكدس الحيوانات وإيواؤها في أقفاص غير مناسبة لفصيلتها، إضافة إلى وجود حيوانات نافقة داخل الأقفاص، وتقديم خدمات فندقية للحيوانات من دون أخذ ترخيص من الوزارة. وأفاد بأن الحملة لن تقتصر على الرياض، بل ستطبق على جميع أسواق ومحال الحيوانات في المملكة، داعياً إلى مساندة الوزارة في الالتزام بالرفق بالحيوان، وكذلك المشاركة في تطبيق الأنظمة على المخالفين بالإبلاغ عن أية ملاحظات تتعلق بإساءة التعامل مع الحيوانات على الرقم المجاني للمعلومات والطوارئ الخاص بالثروة الحيوانية. ومنعت «الزراعة» في نيسان (أبريل) الماضي مشاريع الدواجن من بيع الصيصان على محال الطيور التي تقوم بتلوينها باستخدام ألوان اصطناعية بطرق مختلفة وبيعها في السوق لتنتهي في أيدي الأطفال من دون رعاية صحيحة. وقال الدويرج حينها: «سبب المنع يعود إلى عدم توافر البيئة المناسبة لرعاية الصيصان، سواء في المحل أم بعد البيع، إضافة إلى أن غالبية المباع من الصيصان التي تلون هي من سلالات لا تستطيع تحمل البيئة المحلية». وقال: «الصيصان التي تبدو ملونة في شكل جميل تلون بطريقة غير أخلاقية لا تراعي حقوق الحيوان، وبعض الأصباغ مضرة بتلك الطيور، ولذلك عادة ما تنفق خلال أيام قليلة من شرائها»، مؤكداً أن نظام الثروة الحيوانية ينص على ضمان الرعاية والتغذية والتربية المناسبة للثروة الحيوانية والرفق بها، وعدم تعريضها للاستغلال أو التعامل معها في شكل يترتب عليه ضرر أو خطر أو قسوة عليها، وتتولى الوزارة تقديم الإرشادات اللازمة لضمان الرعاية والتغذية والتربية المناسبة للثروة الحيوانية والرفق بها». بدورها، قالت مديرة قسم الرفق بالحيوان في الوزارة سارة الفهاد (كانت ناشطة في رعاية الحيوانات قبل تسلمها منصبها): «إن دور المجتمع في تطبيق النظام يتمثل بالرقابة على المخالفين، وتوعية الأبناء والأطفال بأهمية الرفق بالحيوان والحرص على التعامل معها بالطريقة الصحيحة». وأضافت الفهاد في لقاء مفتوح مع طالبات جامعة الأمير سطام في الخرج، أن «الوزارة تقوم دورياً بمراقبة المحال والتأكد من التزامها بتوفير البيئة اللازمة للحيوانات»، لافتة إلى أن الوزارة ضبطت أخيراً مخالفات عدة. وأعلنت الوزارة خلال عام 2014 صدور قانون الرفق بالحيوان، وكشفت عن لائحته التنفيذية، وذلك بعد مرور أقل من عام على صدور موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على نظام الرفق بالحيوان، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي منتصف 1434ه، وحمل القانون عقوبات مشددة للمخالفين، تبدأ بغرامة 50 ألف ريال للمرة الأولى، وتصل إلى حوالى 400 ألف ريال عند تكرار المخالفة. ويشدد النظام على حظر استخدام الحيوانات لأغراض التجارب العلمية، إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، على أن يُنشأ سجل لقيد التراخيص الصادرة باستخدام الحيوانات لأغراض التجارب العلمية. ويمنح النظام الحق للموظفين المخولين بدخول أية منشأة للتفتيش، والتأكد من تطبيق أحكامه ولائحته التنفيذية. وفي الجانب التطوعي والمبادرات الفردية، ظهرت جمعيات وحملات تطوعية للرفق بالحيوان، غالبيتها لفتيات تبنين الفكرة، ففي الرياض افتتحت السعودية سارة الفهاد ملجأً لتبني الحيوانات والعناية بها، وضم أي حيوان من أي نوع كان، واحتضان الحيوانات الضالة أو المُتخلّى عنها. وتقوم سارة ومجموعة من المتطوعات والمتطوعين بالعناية بها في الملجأ، وترحب بأي راغب في تبني حيوان من الملجأ بعد إجراء مقابلة معه، لمعرفة مدى جديته في هذه الخطوة، وبعد دفع رسوم رمزية في مقابل هذه الخدمة تشمل التطعيمات وغيرها. وظهرت مبادرات أخريات، منهن روان الدجاني من جدة التي افتتحت صفحات إلكترونية في الإنترنت، لتقديم المشورة والنصح لكل من يحتاج إليها وإلى الراغبين في تبني الحيوانات أو العناية بها. وأيضاً مبادرة سارة عبدالفتاح مع إخوتها لمساعدة الحيوانات الأليفة في الحي، وجلب المريضة منها إلى منزلهم، وخصصوا لها غرفة علاج.