ما أن تصل إلى مدينة جبيل الساحلية اللبنانية حتى تستقبلك الموسيقى من كل حدب وصوب. من المقاهي والدكاكين الصغيرة، والسيارات المارة في الأزقّة. المشي في السوق العتيقة للمدينة متعة اضافية. ثمة فرح واضح في جبيل واستعدادات جدية لافتتاح مهرجانها الدولي السنوي. البسمة لا تفارق وجوه المارة، وضحكات تعلو من جماعات شبابية تتجمهر ليتحدى بعضها بعضاً بالرقص الحر. على المرفأ البحري حيث شُيّد مدرج ضخم في المياه، يتجمع آلاف الشبان ممن أتوا لحضور حفلة مغني الراب الجامايكي شون بول. أجساد صغيرة تتمايل على أنغام الموسيقى، وتقول إحداهن بصوت عالٍ وانكليزية متقنة: «الليلة سأحقق حلمي بمشاهدة أقوى مغني راب». الدخول الى حفلة الافتتاح سلس، فالتنظيم جيد ومدروس لعدم حصول اي إرباك. مئات الشبان متجمعون وقوفاً منذ الساعة السادسة أمام المسرح ليرقصوا أمام فنانهم المفضل. الساعة العاشرة يطل مغني الراب الجامايكي على جمهوره ويفتتح المهرجان رسمياً. صراخ يعلو، وأياد تلوح في الهواء، وشابات يقفن على الكراسي. لعبة الضوء أساسية في العرض، فالمؤثرات الخاصة تكمل المشهد. يحيّي بول جمهوره بكلمات عربية: «مرحباً حبيبي»، ويقول ان اللقاء مع الجمهور اللبناني كان يفترض أن يكون عام 2006، لكنه أرجئ بسبب حرب تموز (يوليو) التي شنتها اسرائيل على لبنان. ويتمنى للحضور أمسية صاخبة وممتعة ويطلب منهم الغناء دوماً معه. ويبدو لافتاً أن جمهور المغني الجامايكي الذي سيطلق ألبومه السابع نهاية الشهر الجاري، غالبيته دون ال20 سنة، لذا فهو يتمتع بحيوية وطاقة ونشاط. لا يهدأ شون بول المولود لأب جامايكي وأم صينية على المسرح، يتنقل بين أرجائه قفزاً، يراقص إحدى الفتيات، ويغني مع أعضاء فرقته، ويوزع التحايا على الجمهور، طالباً منه القفز في الهواء. وحاول خلال الأمسية الجبيلية تقديم ريبيرتوار من قديمه وجديده، موزعاً الأنماط الموسيقية بين الراب والهيب هوب والآر آند بي والريغي. لم يكن المغني المتعدد الاعراق يعتقد أنه سيصبح أحد أشهر المغنين في العالم فهو بدأ الغناء في مسقط رأسه جامايكا عام 1996، فكان أن جذب أسلوبه المميز في الغناء العديد من المنتجين الاميركيين الذين ابدوا إعجاباً بغنائه. يتميز بول الذي أصبح أباً للمرة الأولى في شباط (فبراير) الماضي بمزجه موسيقى الهيب هوب مع الريغي النمط الموسيقي الشهير في جامايكا، وتعاونه لتقديم أعمال غنائية مع فنانين كإنريكي إيغليسياس وغيره. ولد بول عام 1973 في جامايكا، وبدأت حياته تأخذ منحى رياضياً، حتى أنه انضم الى منتخب جامايكا الوطني لرياضة البولو المائية وكان بارعاً فيها. وعلى رغم أنه أنهى دراسته الجامعية وكان مؤهلاً لأن يعمل في مؤسسة مرموقة، فإن شغفه بالموسيقى جعله يعمل دي جي في احد النوادي بجامايكا واثناء ذلك كان يكتب الاشعار تمهيداً لأن يغنيها. أصدر أول أغنية له بعنوان «Baby Girl»» بالتعاون مع المنتج جيريمي هاردينغ عام 1996، فحققت نجاحاً غير متوقع في جامايكا. بعدها دخل بول عالم الريغي الجامايكي اذ ساعدته أغنيته على كسب الكثير من المعجبين في هذه الجزيرة. بعد تقديمه عدداً من الأغاني الناجحة، بدأ مد جسور إلى جمهور الولاياتالمتحدة، وتعاون مع مغني الراب دي أم أكس في أغنية Here Comes the Boom التي تصدرت قائمة «بيلبورد» لأفضل أغنيات الراب. واستمر بول بإصدار اغنيات تحتل المراكز الاولى ضمن قائمة «بيلبورد» لأفضل أغنيات الراب مثل Hot Gal Today. توالت نجاحات شون بول ونال العديد من الجوائز العالمية، اهمها جائزة غرامّي عن افضل ألبوم ريغي وجائزة «ام تي في» الاوروبية عن افضل مغن جديد. مثل جامايكا في أكثر من برنامج تلفزيوني حول العالم، وكان اول مغني ريغي يظهر على غلاف مجلة «فايب» الشهيرة وهو يلف نفسه بعلم جامايكا. ويعد شون بول اليوم الموسيقي الجامايكي الأكثر تأثيراً في عالم سباق الأغاني، سائراً على خطى فنانين بارزين مثل ماكسي بريست وشاغي في إيصال الموسيقى الجامايكية الى العالم.