فاجأت الحكومة المصرية مواطنيها أمس برفع أسعار المحروقات بنسب تراوحت ما بين 30 و100 في المئة، ما سبب موجة تعليقات غاضبة من القرارات الجديدة التي تأتي فيما يجاهد المصريون للتكيّف مع ارتفاعات متتالية لأسعار السلع والخدمات المختلفة في أعقاب تحرير سعر صرف العملة المحلية التي فقدت نصف قيمتها تقريباً (الدولار ارتفع سعره من 9 إلى 18 جنيهاً)، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار المحروقات والكهرباء والمياه نهاية العام الماضي. وللحكومة المصرية خطة معلنة لرفع الدعم عن المحروقات تدريجاً، وضمن تلك الخطة زادت أسعارها مرتين منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحُكم قبل 3 أعوام، وأعلنت أمس الزيادة الثالثة برفع أسعار البنزين «92 أوكتان» من 3.5 جنيه إلى 5 جنيهات، والبنزين «80 أوكتان» من 2.35 إلى 3.65 جنيه، والبنزين «95» من 6.25 إلى 6.60 جنيه. كما ارتفعت أسعار المازوت المورد لمصانع الأسمنت إلى 3500 جنيه للطن من 2500 جنيه، وزاد السولار من 2.35 إلى 3.65 جنيه، وغاز السيارات إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه، كما ارتفع سعر أسطوانة غاز الطهي من 15 إلى 30 جنيهاً. وكالعادة، استغلت جماعة «الإخوان المسلمين» القرارات لتأجيج الغضب ضد النظام، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع الذكرى الرابعة لثورة 30 حزيران (يونيو) التي أطاحت حكم الجماعة. وخرجت قوى يسارية معارضة ببيانات لوحظ فيها ارتفاع سقف الانتقادات الموجهة إلى النظام. وظهر من إعلان القرار في ذكرى الثورة إصرار الحُكم على المضي في خطط الإصلاح الاقتصادي المعُلنة بعيداً من الحسابات السياسية، خصوصاً أن رئيس الوزراء شريف إسماعيل لم يُخف خطط الحكومة رفع أسعار الكهرباء الشهر المقبل. وحرصت الحكومة قبل إعلان الزيادات الجديدة على ضخ 85 بليون جنيه في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد، والتي تدخل حيز النفاذ غداً، خُصصت لشبكة الضمان الاجتماعي لمحدودي الدخل وشملت مضاعفة المخصصات التموينية للمستحقين وزيادة رواتب الموظفين، بإقرار العلاوة الدورية وعلاوة استثنائية عوضاً من الغلاء. ودافعت الحكومة عن قراراتها، وقال رئيس الوزراء في مؤتمر صحافي إن رفع أسعار المحروقات كان ضرورياً، إذ من دون تلك الزيادة لوصلت أرقام دعم المحروقات في الموازنة الجديدة إلى 150 بليون جنيه، لافتاً إلى أن رفع الأسعار سيوفر 40 بليوناً من هذا الرقم ستخصص لتمويل زيادة الأجور وخدمات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. وأكد أن القرار «جزء من منظومة الإصلاح الاقتصادي». وسعت الحكومة إلى لجم الأثر الاجتماعي لتلك الإجراءات من خلال تكثيف الرقابة على مواقف سيارات الأجرة في المحافظات. ووجّه رئيس الوزراء المحافظين بضرورة اتخاذ أي إجراء من شأنه عدم استغلال السائقين والتجار تلك القرارات لرفع الأسعار. وأعلنت محافظات عدة تعريفات جديدة للنقل بزيادات طفيفة، لكن غالباً لا يلتزم السائقون بالتعريفات المعلنة، ويُجبرون المواطنين على دفع زيادات أكبر من تلك التي تعلنها السلطات المحلية. وأكد وزير التموين علي المصيلحي أن الوزارة ستتحمل الزيادة في أسعار السولار الذي تستخدمه المخابز التي تُنتج الخبز المدعم تجنباً لارتفاع سعره. كما أكد وزير التجارة طارق قابيل أنه لا زيادة في أسعار المحروقات الموجهة إلى النشاط الصناعي (عدا مصانع الأسمنت) تجنباً لرفع سعر تكلفة المنتجات، وبالتالي حدوث موجة جديدة من الغلاء في الأسواق. وأوضح وزير الزراعة الدكتور عبد المنعم البنا أن تأثير رفع أسعار المحروقات على القطاع الزراعي سيكون طفيفاً. لكن الواقع العملي والتجارب السابقة تشير إلى عدم قدرة الأجهزة المحلية على ضبط الأسواق بعد رفع أسعار المحروقات، خصوصاً أن التجار يحتجون بارتفاع تكاليف نقل بضائعهم لتبرير رفع الأسعار، فضلاً عن أن ارتفاع أسعار المازوت لمصانع الأسمنت انعكس زيادة فورية في أسعار تلك السلعة الاستراتيجية في القطاع العقاري. وقال رئيس الوزراء إن الحكومة تتوقع ارتفاعاً في الأسعار، لكنها ستواجهه بضخ مزيد من السلع بأسعار مخفضة.