لم تعد فترات الصيف أو فترات الإجازة هي الموعد المخصص للسمر عند الشبان السعوديين، بل أصبح الأمر يستمر معهم خلال أوقات العمل والدراسة. شبان مدينة جدة ليس لديهم خيارات متعددة يقضون فيها أوقات السمر، إذ وضع البحر الأحمر حدوداً يمضون فيه أوقات سهرهم، وكذلك «المقاهي» التي يجدون فيها متنفساً آخر. وأكد الشاب خالد الوعل محدودية الأماكن التي يستطيع أن يوجد فيها الشاب بشكل عام، وعلى الخصوص في ساعات متأخرة من الليل، وقال: «لا يوجد مواقع عدة نسهر فيها، ففي الليل تجد الشبان أمام البحر أو في أحد المقاهي، وليس هناك أي مكان آخر أو حتى أفضل»، فيما يسخر من حاله وزملائه بقوله: «في جدة يجب أن يطمئن آباؤنا إلى أن الأبناء إذ لم يكونوا في المقهى فهم على شاطئ البحر». ويرى عبدالعزيز العوني أن شاطئ البحر الأحمر المطل على مدينة جدة يعد «كنزا»، على حد وصفه، وقال: «يجب أن يستثمر شاطئ البحر، وأن يتم وضع إضاءات جيدة ومواقع مهيأة للجلوس، إضافة إلى الاهتمام بنظافة الشاطئ، لكي نمضي أوقاتاً ممتعة». ولا يكاد «التندر» ينفك عن ألسنة الشبان عند حديثهم عن حالهم «ليلاً»، إذ يعتبر سامي المالكي (26 عاماً) أنهم أشبه ما يكونون ب«المشردين»، وقال: «تجدنا ليلاً نفرش بساطنا في أي مكان يخلو من الناس، ونجلس للعب الورق، وبساطنا هذا يشبه «بساط الريح» بسبب تنقله من مكان إلى آخر، فالسلطات حين تلحظنا تبعدنا؛ لأن المكان غير مخصص للجلوس، ولا سيما في ساعات متأخرة من الليل». ومازال الشبان، ولاسيما القاطنين في مدينة جدة، يحاولون الخروج من النمط التقليدي الذي يقومون به في أوقات سهرهم، مبتعدين عن صخب المدينة في اتجاه منطقة أبحر الشمالية، فهناك توجد المتنزهات البحرية الكبيرة التي يتوافر لهم فيها عدد من النشاطات والترفيه، إلا أن أسعارها ليست في متناول الجميع، ما يبقيها حكراً على أصحاب المال. يقول عبدالمحسن فاهد (25عاماً): «المتنزهات الموجودة في أبحر الشمالية ممتعة جداً، فهناك أمضي وقتاً طويلاً من دون أن أشعر به»، مضيفاً أنه «يصرف مبالغ كبيرة في هذه المتنزهات»، مؤكداً أن المتنزهات في أبحر جدة ذات كلفة كبيرة، وأنه يصرف جزءاً كبيراً من راتبه للمكوث فيها، لأنها الخيار الوحيد أمامه. وتحدث عبدالرحمن حسين عن سيطرة هذه المتنزهات على مساحات كبيرة من شاطئ جدة، فقال: «يجب أن يكون شاطئ البحر للجميع، فما تبقى منه لا يمكن الجلوس فيه»! ويقضي عبدالرحمن أوقات سهره مع أصدقائه في منطقة «الكورنيش»، ويضيف: «أنا لا أحبذ الجلوس في المقاهي، لذلك فإن معظم أوقاتي ليلاً تكون في «الكورنيش»، مع أنني لست سعيداً بوضعه الحالي، ولكن ليس بيدي أية حيلة».