أكد رئيس هيئة صياغة الدستور في ليبيا علي الترهوني ل «الحياة»، «اشراك الجميع في تقديم رؤية للعقد الاجتماعي الذي يريدونه»، فيما أطلقت الهيئة التأسيسية اتصالات مع ممثلي المجتمع المدني في انحاء البلاد، لاستطلاع آرائهم واقتراحات حول مضامين الدستور الذي يراهن عليه كثيرون لإخراج البلاد من ازماتها، وفي مقدمها الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون. وانتخبت الهيئة التي تضم 20 ممثلاً عن الأقاليم التاريخية الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان) في آواخر شباط (فبراير) 2014، وترافق انتخابها مع تمديد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) ولايته، وسط جدل في الشارع الليبي. وأجرت الهيئة مشاورات مع عدد من أهالي مدينة البيضاء (حيث مقرها الرئيسي) وبنغازي «للإفساح في المجال أمام كل من يرغب في الحوار حول مفهوم الشريعة ونظام الحكم وشكل الدولة والمكونات الثقافية»، كما قال الترهوني في مؤتمر صحافي في بنغازي الأربعاء الماضي. وفي مؤتمر عقد في طرابلس الخميس، جدد الترهوني تفاؤله بنجاح الهيئة في أداء مهمتها بشكل يرتضيه الشعب الليبي، معرباً عن ثقته في استجابة الأمازيغ دعوة المفوضية العليا للانتخابات الى اجراء انتخابات تكميلية لإلحاق ممثليهم بالهيئة اسوة بالطوارق والتبو. وقال الترهوني ل «الحياة»: «أود أن أطمئن الى ان الهيئة مستقلة، بوصلتها الشعب الليبي ولا سلطان عليها وستعمل على وضع الهيكلية الدستورية وإنجازها»، ورأى ان أهم مسألة تستغرق الهيئة هي «رسم خريطة طريق لمهمتها التاريخية، تضمن التوافق الوطني»، مشدداً على ان نجاحها يعتمد على «إشراك الليبيين جميعاً، رجالاً ونساء، في تقديم رؤيتهم العقد الاجتماعي الذي سيديرون بمقتضاه شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وأشار في حديثه إلى «الحياة» إلى اللقاءات التي عقدها، هو وأعضاء الهيئة الذين حضروا المناقشات المنطلقة من الثوابت الوطنية، مع قيادات من مكون الأمازيغ في مقدمهم ابراهيم مخلوف رئيس المجلس الأعلى لآمازيغ ليبيا وشعبان بوسته عضو المجلس، اللذين «ابديا ما يدعو الى التفاؤل، ومواصلة الحوار بشأن التحاق الآمازيغ بالهيئة». الترهوني الذي حظي انتخابه رئيساً لهيئة صياغة الدستور بترحيب أوروبي وغربي، أبلغ الصحافيين خلال مؤتمره الصحافي في طرابلس ان «الهيئة بدأت في اجراء حوار مجتمعي مع المواطنين، من أجل الوصول الى صيغة مثلى لصياغة عقد اجتماعي سياسي يتم تقنينه في ضوء مشاركة الليبيين جميعاً في ابداء رؤاهم وتصوراتهم، لتكون مهمة الهيئة صياغة الدستور والمقاربة بين الرؤى والتصورات، والتوافق قبل قوننته»، مشيراً الى انه وزملاءه سيقومون بجولات على المدن والضواحي الليبية من اجل توضيح ما ينبغي على المواطنين القيام به في سبيل انجاح المهمة التاريخية. وتضم الهيئة عضوين فقط متخصصين في القانون الدستوري، هما محمد الزائدي وعبد القادر قدّورة. وتحدث الزائدي إلى «الحياة» عن الصعوبات التي تمر بها المرحلة الانتقالية، وقال ان «المجلس الانتقالي السابق وضع العراقيل في طريق هيئة صياغة الدستور قبل قيامها، أهمها جعل الهيئة منتخبة، واشتراط عرض نتائج عملها على الاستفتاء، ما يجعلها استشارية». لكن المحامي عبد الله زكي بانون عضو المجلس الوطني الانتقالي (الذي قدم استقالته منه في 2011)، ابلغ «الحياة» رأيه ان هيئة صياغة الدستور «ليست استشارية، فالاستشاري يقول الرأي، والجهة التي طالبته بالرأي أو الاستشارة، لها أن تأخذ بما يقوله او ترفضه»، مشيراً الى ان «الهيئة التأسيسية مكلفة من الشعب بصياغة دستور والشعب صاحب القرار، إما يقبل ما تصدره من مشروع او يرفضه (في الاستفتاء) فيعاد اليها لصياغته من جديد». وعزا بانون قرار جعل الهيئة منتخبة، الى «العاملين الجهوي (المناطقي) والحزبي اللذين تدخلا كثيراً في انتخابات الهيئة، وسيتدخلان في انتخابات لاحقة»، مشيراً الى ان الجهوية والحزبية «لم تأتِ للهيئة بأساتذة ومختصّين في القانون وفي علم الدساتير وفي الشريعة الإسلامية والفقه ولا بأساتذة في اللغة العربية المهمة جداً في صياغة الدستور». وأضاف: «كنت اتمنى لو تركت حصة يختار بموجبها المؤتمر الكفاءات التي لم تشارك في الترشح، ولم يكن لها نصيب في الانتخابات».