واجهت الحكومة التونسيةالجديدة الامتحان الأول لقدرتها على قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية بعدما استقال منها أمس وزراء معارضون احتجاجاً على ضمها وزراء من «حزب التجمع الدستوري»، حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وجاءت الاستقالات مع استمرار الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإقصاء «الدستوري» كلياً عن السلطة والتي لوحظ للمرة الأولى أن الإسلاميين، الذين همّشهم النظام السابق لعبوا دوراً بارزاً في تحريكها. وفي محاولة لتفادي هذه الأزمة الحكومية الوشيكة، أُعلن مساء أمس أن الرئيس التونسي بالوكالة فؤاد المبزّع والوزير الأول (رئيس الوزراء) محمد الغنوشي ينويان الاستقالة من الحزب «الدستوري»، وفق مصدر رسمي قال أيضاً أن الحزب «الدستوري» أقال الرئيس المخلوع بن علي من عضويته، وكذلك عضوية صهره صخر الماطري. وكانت سُبحة الاستقالات كرّت خلال النهار في وقت كان الوزراء الجدد في الحكومة الانتقالية يقسمون اليمين الدستورية في حضور الغنوشي والرئيس المبزّع الذي تلقى أمس ما بدا أنه أول اعتراف من حكومة عربية بنظامه، إذ وجّه إليه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رسالة، خلال عبوره أجواء تونس في طريقه إلى مصر، تمنى له في النجاح في «العبور بتونس إلى بر الأمان». ولم يكن واضحاً إلى أي مدى تعبّر الرسالة الجزائرية عن اعتراف بالنظام التونسي، علماً أن حكومة بوتفليقة لم تُعلن موقفاً حتى الآن من «التغيير» الذي شهدته تونس بإطاحة حكم بن علي. وكان أول الوزراء المستقيلين من حكومة الغنوشي هم ممثلو المركزية النقابية «الاتحاد العام للشغل»: حسين الديماسي وزير التكوين المهني والتشغيل وعبدالجليل البدوي وأنور بن قدور (عُيّنا وزيري دولة). وتبعهم وزير الصحة زعيم «التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات» المعارض مصطفى بن جعفر، بحسب ما أعلن القيادي في «التكتل» الهادي رضواني لوكالة «رويترز». وبث التلفزيون التونسي الحكومي لاحقاً أن «حزب التجديد» المعارض سينسحب من الحكومة الائتلافية إذا لم يتخل الوزراء من حزب الرئيس المخلوع عن عضوية الحزب. لكن لوحظ أن زعيم الحزب وزير التعليم العالي أحمد إبراهيم شارك مع الوزراء الباقين أمس في أداء اليمين الدستورية، كما فعل أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديموقراطي التقدمي الذي عُيّن وزيراً للتنمية الجهوية. وكان الغنوشي أبقى في حكومته عدداً من الوزراء السابقين البارزين من أعضاء الحزب «الدستوري»، مثل وزير الدفاع رضا قريرة (ينتمي مثل الغنوشي إلى التجمع الدستوري)، ووزير الخارجية كمال مرجان (الدستوري)، ووزير الداخلية أحمد فريعة (الدستوري)، ووزير التجارة والسياحة محمد جغام (وزير دستوري سابق)، ووزير الفلاحة والبيئة الحبيب مبارك (الدستوري)، وزير التخطيط محمد النوري الجويني (الدستوري). لكن الغنوشي دافع عن حكومته أمس وقال إن بعض الوزراء «احتفظوا بحقائبهم لأننا بحاجة إليهم في هذه المرحلة»، مشدداً على أن هؤلاء الوزراء «أيديهم نظيفة، ويتمتعون بكفاءة كبيرة». وأكد أن «كل الأحزاب سيُسمح لها بالمشاركة في الانتخابات مع تساوي الفرص للجميع». لكنه أشار إلى أن راشد الغنوشي زعيم حركة «النهضة» الإسلامية المحظورة لن يتمكن من العودة إلى تونس «ما لم يصدر قانون عفو» يُسقط حكم السجن مدى الحياة الصادر بحقه عام 1991.