تمثل رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد تعيينه ولياً لولي العهد بأشهر قليلة، نهجاً جديداً أسس له أمير شاب يعتمد على إدخال إجراءات اقتصادية جذرية في أحد أهم اقتصادات العالم. وتشكل الرؤية الاقتصادية توجهاً اقتصادياً مهماً في سعي المملكة إلى تنويع مصادر الدخل وبخاصة غير النفطية، من خلال خطة اقتصادية ممكنة التطبيق، مبنية على أسس علمية، وضمن شراكة مع مؤسسات عالمية اقتصادية ضخمة. أيلول (سبتمبر) الماضي كانت البداية لنقطة تحول كبيرة في عالم أسواق النفط العالمية عندما اتجهت أنظار العالم إلى انعقاد قمة مجموعة ال20 التي استضافتها الصين، عندما عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعاً مع مهندس الصفقات الاقتصادية والنفطية السعودية الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يترأس وفد بلاده إلى القمة. هذا الاجتماع الذي وصف فيما بعد بأنه أشبه بضبط إيقاع أسواق النفط العالمية، والذي أسهم في شكل كبير في استقرار أسعار النفط العالمية، وألقى بظلاله على المنتج والمستهلك، كان نقطة تطور في سوق الطاقة العالمية. ليأتي بعدها إعلان مجلة «لويدز» البريطانية الأسبوعية، عن تصدر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائمة أبرز المؤثرين في عالم نقل النفط في العالم، الذي حمل معه دلالات عدة حول التأثير الكبير للمملكة التي تملك أكبر احتياط نفطي في العالم. وليبرز معه اسم الأمير الشاب الذي يترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، ودوره الكبير في تحقيق المعادلة الصعبة في أسعار النفط العالمية التي وصلت في تلك الفترة إلى مستويات منخفضة ليقودها إلى مستوى أكثر استقراراً، انعكس في شكل كبير على سوق النفط العالمية التي استقرت بشكل ملاحظ. لقد تمكن الأمير الشاب من لعب دور مهم في صياغة التغييرات الحالية في سياسة المملكة النفطية، بحكم ترؤسه للمجلس الأعلى لشركة أرامكو، وهو ما ساعده في اختيار التوقيت المناسب لإعلان خفض سقف إنتاج المملكة النفطي إلى 400 ألف برميل في اليوم، الأمر الذي أسهم في رفع أسعار النفط العالمية بشكل سريع، إضافة إلى السيطرة على جموح إيران التي تسعى نحو إعادة سقف إنتاجها لمعدلاته السابقة قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها، وكذلك وضعها تحت مراقبة شاملة لمنع استغلالها تذبذب الإنتاج والأسعار لخرق اتفاق الجزائر الداعي إلى خفض الإنتاج، وهو ما أنهى أي محاولة لتكتلات جديدة عوضاً عن التحالفات التقليدية التي تشكّل منظمة «أوبك» نبض سوق نقل الطاقة وإنتاجها، وهو ما دفع الأسعار أيضاً إلى الارتفاع بعد خفض الإنتاج الجمعي. إلا أن الاجتماع الذي عقده الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي في الكرملين حول الاتفاق النفطي الذي قادته المملكة، يضمن للمرة الأولى في تاريخ منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) تعاون دول من خارج المنظمة، وعلى رأسها روسيا، إضافة إلى أنه بحث فرص تحفيز الاتفاق لتحقيق عوائد إيجابية لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. وعمل الأمير محمد بن سلمان على إصلاحات داخلية في السعودية عبر برنامج الرؤية 2030، إذ أطلق برنامجاً شاملاً شاركت فيه جميع وزارات الدولة للعمل على إيجاد حلول اقتصادية في السعودية وعدم الاعتماد على النفط كمورد اقتصادي. وأطلق ولي العهد السعودي الجديد مشروع اكتتاب شركة أرامكو السعودية التي تعتبر أكبر شركة نفطية في العالم، من خلال طرح 5 في المئة من أسهمها للاكتتاب العام، وهو ما سيسهم في تحويل الشركة إلى شركة قابضة بمجلس إدارة جديد يساعد على إحداث تغييرات كبيرة ذات نتائج إيجابية.